للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[البكاء]

/ الآيات/ الأحاديث/ الآثار/

/ ٨/ ١٦/ ١٨/

[البكاء لغة:]

مصدر قولهم بكى يبكى بكاء وبكى، فهو باك، والجمع بكاة وبكيّ، وهذا المصدر مأخوذ من مادّة (ب ك ي) الّتي تدلّ في أصل اللّغة على معنيين:

الأوّل: بمعنى خروج الدّمع، والاخر: نقصان الشّيء وقلّته «١» . ويرجع البكاء هنا إلى المعنى الأوّل، وهو يقصر ويمدّ فيقال فيه: البكا والبكاء. قال النّحويّون: من قصره أجراه مجرى الأدواء والأمراض، ومن مدّه أجراه مجرى الأصوات كالثّغاء والرّغاء والدّعاء، وأنشد الخليل في قصره ومدّه:

بكت عيني وحقّ لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل

وذكر ابن منظور عن الفرّاء وغيره: أنّ البكاء بالمدّ يكون إذا أردت الصّوت الّذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدّموع وخروجها. ويقول الكفويّ: البكاء يمدّ إذا كان الصّوت أغلب، ويقصر إذا كان الحزن أغلب، وقيل: هو بالقصر خروج الدّمع فقط، وبالمدّ خروج الدّمع مع الصّوت، والمرء إن تهيّأ للبكاء قيل: أجهش، فإن امتلأت عينه دموعا قيل: اغرورقت، فإن سالت قيل: دمعت وهمعت.

والفعل منه بكى، يقال: بكيت فلانا وبكّيته إذا بكيت عليه وبكّيته أيضا هيّجته للبكاء، وأبكيته إذا صنعت به ما يبكيه، قال الشّاعر:

الشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا

ويقال: استبكيته وأبكيته بمعنى واحد والبكيّ الكثير البكاء ووزنه فعيل. ويقال: رجل باك والجمع بكاة وبكيّ، فأمّا «بكاء» بكسر الباء في قوله صلّى الله عليه وسلّم «إنّا معاشر الأنبياء بكاء» فإنّه مأخوذ من بكأ الّتي تدلّ على القلّة، قال أبو عبيد: معناه: قليلة دموعهم «٢» .

[البكاء اصطلاحا:]

هو إراقة الدّموع من أثر الخوف من الله أو للتّعبير عن حزن في الفؤاد.


(١) من هذا المعنى قولهم للناقة القليلة اللبن هي بكيئة، وبكؤت تبكؤ بكاءة (ممدودة) أي قلّ لبنها، وقال زيد الخيل:
وقالوا عامر سارت إليكم ... بألف أو بكا منه قليل.
وقال الأسعر الجعفي:
بل ربّ عرجلة أصابوا خلّة ... دأبوا وحارد ليلهم حتى بكا
قال: حارد قلّ فيه المطر، وبكا: مثله، (وأصله بكأ) .
(٢) انظر مقاييس اللغة، لابن فارس (١/ ٢٨٦) ، الكليات للكفوي (١/ ٤٢٩) ، ولسان العرب (١/ ٨٢- ٨٣) ط. بيروت، وبصائر ذوي التمييز (٢/ ٢٦٨) .