للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (الإفك)

١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة، وكان نبيّ الله موسى- عليه السّلام- منه الحياء والسّتر، وكان يستتر إذا اغتسل، فطعنوا فيه بعورة، قال: فبينما نبيّ الله موسى- عليه السّلام- يغتسل يوما وضع ثيابه على صخرة فانطلقت الصّخرة بثيابه فاتّبعها نبيّ الله ضربا بعصاه وهو يقول: ثوبي يا حجر، ثوبي يا حجر، حتّى انتهى به إلى ملأ من بني إسرائيل وتوسّطهم فقامت، وأخذ نبيّ الله ثيابه فنظروا فإذا أحسن النّاس خلقا، وأعدلهم صورة، فقالت بنو إسرائيل: قاتل الله أفّاكي بني إسرائيل، فكانت براءته الّتي برّأه الله- عزّ وجلّ- بها» ) * «١» .

٢-* (عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه مسيرنا. حتّى إذا فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غزوه، وقفل «٢» ، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرّحيل. فقمت حين آذنوا بالرّحيل، فمشيت حتّى جاوزت الجيش، فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرّحل، فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار «٣» قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. وأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب، وهم يحسبون أنّي فيه. قالت: وكانت النّساء إذ ذاك خفافا، لم يهبّلن «٤» ولم يغشهنّ اللّحم، إنّما يأكلن العلقة «٥» من الطّعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيمّمت «٦» منزلي الّذي كنت فيه. وظننت أنّ القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت. وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ، ثمّ الذّكوانيّ قد عرّس «٧» من وراء الجيش فأدلج «٨» فأصبح عند


(١) أحمد في المسند (٢/ ٣٩٢) واللفظ له، وقال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه (١٧/ ١٣٥) ، إسناده صحيح. وأصله في الصحيحين، البخاري- الفتح ٦ (٣٤٠٤) .
(٢) وقفل: أي رجع.
(٣) عقدي من جزع ظفار: والعقد: نحو القلادة، والجزع: خرز يماني. وظفار: قرية باليمن.
(٤) لم يهبلن: يقال: هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.
(٥) العلقة: أي القليل، ويقال لها أيضا: البلغة.
(٦) تيممت: أي قصدت.
(٧) عرّس: التعريس الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: آخر الليل.
(٨) فأدلج: الإدلاج هو السير أول الليل.