للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورجل فاسق وفسّيق وفسق: دائم الفسق.

وفسّقه: نسبه إلى الفسق. والفواسق من النّساء:

الفواجر «١» .

[الفسوق اصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: الفاسق: من شهد ولم يعمل واعتقد فهو فاسق «٢» ، ومن ثمّ يكون الفسوق: هو عدم العمل بأحكام الشّريعة مع الإقرار بالشّهادتين والاعتقاد بالوحدانيّة (أي الإيمان القلبيّ) .

وقال المناويّ: الخروج عن الطّاعة بارتكاب الذّنب، وإن قلّ، ولكن تعورف فيما إذا كان كبيرة.

وأكثر ما يقال عن الفاسق لمن التزم حكم الشّرع وأخلّ بأحكامه.

والفاسق أعمّ من الكافر، والظّالم أعمّ من الفاسق «٣» .

وقال الكفويّ: الفسق: التّرك لأمر الله تعالى والعصيان والخروج عن طريق الحقّ، والفجور «٤» .

[أنواع الفسوق:]

الفسوق في كتاب الله نوعان. مفرد مطلق، ومقرون بالعصيان.

والمفرد نوعان أيضا: فسوق كفر يخرج عن الإسلام، وفسوق لا يخرج عن الإسلام، فالمقرون، كقوله تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (الحجرات/ ٧) .

والمفرد- الّذي هو فسوق كفر- كقوله تعالى:

يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ (البقرة/ ٢٦- ٢٧) الآية. وقوله- عزّ وجلّ-: وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ (البقرة/ ٩٩) وقوله: وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها (السجدة/ ٢٠) الآية. فهذا كلّه فسوق كفر.

وأمّا الفسوق الّذي لا يخرج عن الإسلام فكقوله تعالى: وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ (البقرة/ ٢٨٢) الآية وقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ (الحجرات/ ٦) الآية. وههنا

فائدة لطيفة. وهي أنّه سبحانه لم يأمر بردّ خبر الفاسق وتكذيبه وردّ شهادته جملة، وإنّما أمر بالتّبيّن، فإن قامت قرائن وأدلّة من خارج تدلّ على صدقه عمل بدليل الصّدق. ولو أخبر به من أخبر، فهكذا ينبغي الاعتماد في رواية الفاسق وشهادته، وكثير من الفاسقين يصدقون في أخبارهم ورواياتهم وشهاداتهم، بل كثير منهم يتحرّى الصّدق غاية التّحرّي، وفسقه من جهات أخر. فمثل هذا لا يردّ خبره ولا شهادته، ولو ردّت شهادة مثل هذا وروايته لتعطّلت أكثر الحقوق، وبطل كثير من الأخبار الصّحيحة، ولا سيّما من فسقه من


(١) لسان العرب (١٠/ ٣٠٨) .
(٢) التعريفات (٤١، ١٧٠) .
(٣) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (٥٥٧) .
(٤) المرجع السابق (٢) .