للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يكون من التّبعة، وقيل: يعرض إذا قيل له لا تستدن فلا يقبل؛ من: أعرض عن الشّيء إذا ولّاه ظهره، وقيل: معرضا عن الأداء مولّيا عنه «١» .

[الإعراض اصطلاحا:]

قال الكفويّ: الإعراض: الانصراف عن الشّيء بالقلب «٢» .

وقال المناويّ: الإعراض: الإضراب عن الشّيء بأن تأخذ عرضا أي جانبا غير الجانب الّذي هو فيه «٣» .

الفرق بين التولي والإعراض والصّدّ:

قال الكفويّ: المتولّي والمعرض يشتركان في ترك السّلوك (القويم) إلّا أنّ المعرض أسوأ حالا، لأنّ المتولّي متى ندم سهل عليه الرّجوع، والمعرض يحتاج إلى طلب جديد، وغاية الذّمّ الجمع بينهما، أمّا الصّدّ فهو العدول عن الشّيء عن قلى «٤» .

[صور الإعراض الممدوحة والمذمومة:]

للإعراض مظاهر عديدة أكثرها مذموم، ومنها أيضا ما هو محمود، فمن المذموم:

الإعراض عن الطّاعات والسّهو عنها: قال تعالى: فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ (سبأ/ ١٦) .

الإعراض عن الوعظ: قال تعالى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (المدثر/ ٩٤) .

الإعراض عن الحساب: قال تعالى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (الأنبياء/ ١) «٥» .

الإعراض عن ذكر الله: قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً (طه/ ١٢٤) .

الإعراض عن آيات الله في الكون، قال تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ «يوسف/ ١٠٥) .

الإعراض عن الحقّ وعدم الإذعان له، قال تعالى: ... بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (الأنبياء: ٢٤) .

الإعراض عن النّبإ العظيم قال تعالى: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ* أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (ص/ ٦٧، ٦٨) .

[وللإعراض صور أخرى محمودة منها:]

الإعراض عن المشركين والجاهلين، قال تعالى: وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام/ ١٠٦) وقال سبحانه: وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً (المائدة/ ٤٢) ، وقال عزّمن قائل: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ (النساء/ ٦٣) ، وقال


(١) مقاييس اللغة (٤/ ٢٦٩) ، والمفردات للراغب (٣٣٠) ، والصحاح (٣/ ١٠٨٢) ، ولسان العرب (عرض) (٢٨٩٠) (ط. دار المعارف) .
(٢) الكليات (٢٨) .
(٣) التوقيف (٥٦) .
(٤) الكليات (٢٩) .
(٥) انظر: شجرة المعارف والأحوال للعز بن عبد السلام، (ص ١١٦) وما بعدها.