للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهدا نقضوه، وكلّما أكّدوه بالأيمان نكثوه، وهم لا يخافون الله في شيء ارتكبوه من الآثام، ثمّ يقول تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلّم: وإمّا تخافنّ من قوم قد عاهدتهم نقضا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهد فأعلمهم بأنّك قد نقضت عهدهم حتّى يلتقي علمك وعلمهم بأنّك حرب لهم وهم حرب لك، وأنّه لا عهد بينك وبينهم على السّواء أي تستوي أنت وهم في ذلك. وقد ذكر الإمام عن عمرو بن عبسة- رضي الله عنه- أنّه قال:

كان معاوية يسير في أرض الرّوم وكان بينه وبينهم أمد فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم فقال له عمرو بن عبسة: الله أكبر، الله أكبر وفاء لا غدر. إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلّنّ عقدة ولا يشدّها حتّى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» . فبلغ ذلك معاوية فرجع) * «١» .

١٣-* (وقال رحمه الله تعالى: إنّ من صفات المنافقين أنّ أحدهم إذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا حدّث كذب، وإذا ائتمن خان. ولذلك كان حال هؤلاء الأشقياء ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون كما أنّهم اتّصفوا بخلاف صفاتهم في الدّنيا فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل. وهؤلاء ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) * «٢» .

١٤-* (قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى-: الغدر حرمته غليظة لا سيّما من صاحب الولاية العامّة لأنّ غدره يتعدّى ضرره إلى خلق كثير، ولأنّه غير مضطرّ إلى الغدر لقدرته على الوفاء) * «٣» .

١٥-* (وقال- رحمه الله تعالى-: كان عاقبة نقض قريش العهد مع خزاعة حلفاء النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أن غزاهم المسلمون حتّى فتحوا مكّة واضطرّوا إلى طلب الأمان، وصاروا بعد العزّة والقوّة في غاية الوهن إلى أن دخلوا في الإسلام، وأكثرهم لذلك كاره) * «٤» .

١٦-* (قال الشّيخ محمّد الأمين الشّنقيطيّ- رحمه الله تعالى-: إنّ من نقض العهد الّذي أبرمه يضرّ نفسه، كما أنّه يجرّ على نفسه اللّعن لقوله تعالى فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ ... (المائدة/ ١٣)) * «٥» .

[من مضار (نقض العهد)]

(١) بغض الله له، والوعيد للمنافقين بالنّار.

(٢) تسلّط الخلق عليه ونزع الثّقة منه.

(٣) من أمارات النّفاق وصفات المنافقين.

(٤) يضرّ نفسه قبل أن يضرّ غيره.

(٥) تفكّك المجتمع وشيوع البغضاء والفساد فيه.

(٦) تسلّط الأعداء على المجتمع، وسومهم إيّاه سوء العذاب.


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٢٠) .
(٢) المرجع السابق (٢/ ٥١١- ٥١٢) بتصرف.
(٣) فتح الباري (٦/ ٣١٩) بتصرف يسير.
(٤) المرجع السابق (٧/ ٥٩٢) .
(٥) أضوء البيان (٣/ ٣٢٠) بتصرف يسير.