للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنّهم وإن كانوا بشرا يجري عليهم الكثير من الأعراض البشريّة فيأكلون ويشربون، ويمرضون ويصحّون، وينسون ويذكرون، ويموتون ويحيون، فهم أكمل خلق الله تعالى على الإطلاق وأفضلهم بلا استثناء، وأنّه لا يتمّ إيمان عبد إلّا بالإيمان بهم جميعا جملة وتفصيلا. ويؤمن المسلم بأنّ النّبيّ محمّدا بن عبد الله بن عبد المطّلب الهاشميّ القرشيّ العربيّ المنحدر من صلب إسماعيل بن إبراهيم الخليل- عليه السّلام-، هو عبد الله ورسوله أرسله إلى كافّة النّاس أحمرهم وأبيضهم، وختم بنبوّته النّبوّات وبرسالته الرّسالات، فلا نبيّ بعده، ولا رسول، أيّده بالمعجزات، وفضّله على سائر الأنبياء، كما فضّل أمّته على سائر الأمم. فرض محبّته، وأوجب طاعته، وألزم متابعته، وخصّه بخصائص لم تكن لأحد سواه منها: الوسيلة، والكوثر، والحوض، والمقام المحمود.

ويؤمن المسلم بأنّ لهذه الحياة الدّنيا ساعة أخيرة تنتهي فيها، ويوما آخر ليس بعده من يوم، ثمّ تأتي الحياة الثّانية في الدّار الآخرة فيبعث الله سبحانه الخلائق بعثا ويحشرهم إليه جميعا ليحاسبهم فيجزي الأبرار بالنّعيم المقيم في الجنّة، ويجزي الفجّار بالعذاب المهين في النّار. وأنّه يسبق هذا أشراط السّاعة وأماراتها، كخروج المسيح الدّجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى- عليه السّلام-، وخروج الدّابّة، وطلوع الشّمس من مغربها، وغير ذلك من الآيات، ثمّ ينفخ في الصّور نفخة الفناء والصّعق، ثمّ نفخة البعث والنّشور، والقيام لربّ العالمين، ثم تعطى الكتب، فمن آخذ كتابه بيمينه، ومن آخذ كتابه بشماله، ويوضع الميزان، ويجري الحساب، وتنصب الصّراط، وينتهي الموقف الأعظم باستقرار أهل الجنّة في الّجنّة، وأهل النّار في النّار.

ويؤمن المسلم بأنّ نعيم القبر وعذابه، وسؤال الملكين فيه حقّ وصدق، ويؤمن كذلك بقضاء الله وقدره وحكمته ومشيئته، وأنّه لا يقع شيء في الوجود حتّى أفعال العباد الاختياريّة إلّا بعد علم الله بها وتقديره، وأنّه تعالى عدل في قضائه وقدره حكيم في تصرّفه وتدبيره، وأن حكمته تابعة لمشيئته. ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوّة إلّا به تعالى.

أ. هـ «١» .

[معنى الإيمان باليوم الآخر:]

يقول بعض الباحيثين: معنى ذلك بصورة إجماليّة:

الإيمان بكلّ ما أخبر به الله- عزّ وجلّ- في كتابه، وأخبر به رسوله صلّى الله عليه وسلّم ممّا يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابه ونعيمه، والبعث والحشر والصّحف والحساب والميزان والحوض والصّراط والشّفاعة والجنّة والنّار، وما أعدّ الله تعالى لأهلهما جميعا «٢» .

وقد اهتمّ القرآن الكريم اهتماما عظيما باليوم الآخر، فقرّره في كلّ موقع، ونبّه إليه في كلّ مناسبة، وأكّد وقوعه بشتّى الأساليب. ومن مظاهر هذا الاهتمام:


(١) بتصرف واختصار شديد من كتاب منهاج المسلم (١٠- ٤٨) .
(٢) الإيمان: أركانه، حقيقته، نواقضه. د/ محمد نعيم ياسين ص ٦٤.