للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمكر، وقال أبو عبيدة: هو الغلّ والغشّ «١» .

٦- الغشّ (المتعلّق بالقلب) «٢» .

٧- البغضاء «٣» .

٨- الداغلة: قال في اللسان: هي الحقد المكتتم «٤» ، ومثلها الدغل.

[حكم الحقد:]

ذكر ابن حجر الحقد مع كلّ من الغضب بالباطل والحسد على أنّها جميعا من كبائر الباطن، وعلّل جمعه لهذه الكبائر الثلاث بقوله: لمّا كانت هذه الثلاثة بينها تلازم وترتّب، إذ الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب كانت بمنزلة خصلة واحدة، وذمّ كلّ يستلزم ذمّ الآخر، لأنّ ذمّ الفرع وفرعه يستلزم ذمّ الأصل وأصله وبالعكس «٥» .

[سبب الحقد وعلاجه:]

قال الغزاليّ: إنّ من آذاه شخص بسبب من الأسباب، وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه، ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفّي والانتقام، فإن عجز المبغض (الحقود) أن يتشفّى بنفسه أحبّ أن يتشفّى من خصمه الزمان، وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحّها بالخير لعباد الله تعالى «٦» .

أمّا علاج الحقد فيكمن أوّلا في القضاء على سببه الأصليّ وهو الغضب «٧» ، فإذا حدث ذلك الغضب ولم تتمكّن من قمعه بالحلم وتذكّر فضيلة كظم الغيظ ونحوهما، فإنّ الشعور بالحقد يحتاج إلى مجاهدة النفس والزهد في الدنيا، وعليه أن يحذّر نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أنّ قدرة الله عليه أعظم من قدرته، وأنّه سبحانه بيده الأمر والنهي لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه، هذا من ناحية العلم، أمّا من حيث العمل فإنّ من أصابه داء الحقد فإنّ عليه أن يكلّف نفسه أن يصنع بالمحقود عليه ضدّ ما اقتضاه حقده فيبدّل الذمّ مدحا، والتكبّر تواضعا، وعليه أن يضع نفسه في مكانه ويتذكّر أنّه يحبّ أن يعامل بالرّفق والودّ فيعامله كذلك «٨» . إنّ العلاج الأنجع لهذا الدّاء يستلزم أيضا من المحقود عليه إن كان عاديا على غيره أن يقلع عن غيّه ويصلح سيرته، وأن يعلم أنّه لن يستلّ الحقد من قلب خصمه إلّا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه وعليه أن يصلح من شأنه ويطيّب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبّل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحلّ المحبّة والألفة «٩» .


(١) انظر هذين الرأيين في لسان العرب ١١/ ٢٤١، وقال القرطبي هو الدغل والخديعة والغش، فجمع بين الرأيين، انظر: تفسير القرطبي ١٠/ ١٧١.
(٢) انظر صفة الغش.
(٣) انظر صفة البغض.
(٤) لسان العرب ١٢/ ٢٤٥.
(٥) الزواجر ١/ ٥٢، وقد ذكر الغزالي في الإحياء ٣/ ١٨٦ العلاقة ذاتها بين الغضب والحقد من ناحية، وبين الحقد والحسد من ناحية أخرى عندما قال: اعلم أن الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب.
(٦) تناول الغزالي هذين السببين في الإحياء ٣/ ١٩٢- ١٩٣، وذكر أنهما من مسببات الحسد، وذلك صحيح ولكنهما يؤديان في البداية إلى الحقد الذي يتحوّل إلى الحسد.
(٧) انظر في ذلك: صفة الغضب، وقد تحدثنا هناك عن ذلك تفصيلا.
(٨) بتصرف عن الزواجر لابن حجر ١/ ٦٤- ٦٥.
(٩) انظر في ذلك: خلق المسلم للشيخ الغزالي ص ٩٢.