للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسأل أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فأنزل الله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ «١» . «٢» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اصنعوا كلّ شيء إلّا النّكاح» فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرّجل أن يدع من أمرنا شيئا إلّا خالفنا فيه. فجاء أسيد بن حضير وعبّاد بن بشر فقالا: يا رسول الله إنّ اليهود تقول كذا وكذا.

فلا نجامعهنّ؟ فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى ظننّا أن قد وجد عليهما «٣» . فخرجا فاستقبلهما هديّة من لبن إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فأرسل في آثارهما. فسقاهما. فعرفا أن لم يجد عليهما» «٤» .

- وعن عائشة- رضي الله عنها-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ على أصحاب الدّركلة «٥» . فقال: «خذوا يا بني أرفدة «٦» حتّى تعلم اليهود والنّصارى أنّ في ديننا فسحة» «٧» .

وأمّا الآثار:

- عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: كان في بني إسرائيل القصاص في القتلى ولم يكن فيهم الدّية فقال الله تعالى لهذه الأمّة: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى.. فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ «٨» فالعفو أن يقبل الدّية في العمد ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة ممّا كتب على من كان قبلكم «٩» .

- وفي حديث الفتون الطّويل عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-؛ في قوله تعالى: وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً «١٠» فيه


(١) المحيض: المحيض الأول المراد به الدم. والثاني قد اختلف فيه: قيل: إنه الحيض ونفس الدم. وقال بعض العلماء: هو الفرج. وقال الآخرون: هو زمن الحيض.
(٢) سورة البقرة: آية رقم (٢٢٢) .
(٣) قد وجد عليهما: أي غضب عليهما. ولم يجد عليهما: أي لم يغضب عليهما.
(٤) رواه مسلم برقم (٣٠٢) .
(٥) الدركلة: قال ابن الأثير رحمه الله: يروى بكسر الدال وفتح الراء وسكون الكاف، ويروى بكسر الدال وسكون الراء وكسر الكاف وفتحها، ويروى بالقاف عوض الكاف وهي ضرب من لعب الصبيان، وقال ابن دريد: أحسبها حبشية. انظر النهاية لابن الأثير (٢/ ١١٤) .
(٦) بني أرفدة: قال ابن الأثير رحمه الله: هو لقب لهم وقيل هو اسم أبيهم الأقدم يعرفون به، وفاؤه مكسورة وقد تفتح. انظر النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٤٢) .
(٧) رواه الإمام أحمد في مسنده (٦/ ١١٦، ٢٣٣) بلفظ «.. يومئذ لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفة سمحة» قال الألباني: سنده جيد. كما سبق. وقال الألباني عن هذا اللفظ: أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث (١٠٢/ ٢) ، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (٢١٢- زوائد) ، والديلمي (٢/ ١١٠) ، والحميدي (٢٥٩) . ثم قال الألباني: فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (١٨٢٩) ، وصحيح الجامع الصغير برقم (٣٢١٤) .
(٨) سورة البقرة: آية رقم (١٧٨) .
(٩) الأثر رواه البخاري. انظر الفتح ١٢ (٦٨٨١) . ورواه ابن جرير واللفظ له- انظر تفسير ابن جرير (٢/ ٦٥) .
(١٠) سورة طه: آية رقم (٤٠) .