للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[واصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: النّفاق: إظهار الإيمان باللّسان وكتمان الكفر بالقلب «١» .

[أقسام النفاق:]

ذكر الحافظ ابن رجب أنّ النّفاق ينقسم شرعا إلى قسمين:

أحدهما: النّفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويبطن ما يناقض ذلك كلّه أو بعضه. وهذا هو النّفاق الّذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ونزل القرآن بذمّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أنّ أهله فى الدّرك الأسفل من النّار.

والثّاني: النّفاق الأصغر، وهو نفاق العمل:

وهو أن يظهر الإنسان علانية ويبطن ما يخالف ذلك «٢» .

وقال ابن الأثير: قد تكرّر في الحديث ذكر النّفاق «وما تصرّف منه اسما وفعلا» . وهو الّذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللّغة معروفا.

وفى حديث حنظلة «نافق حنظلة» أراد أنّه إذا كان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أخلص وزهد في الدّنيا، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها، فكأنّه نوع من الظّاهر والباطن ما كان يرضى أن يسامح به نفسه.

وفيه: «أكثر منافقي هذه الأمّة قرّاؤها» أراد بالنّفاق ها هنا الرّياء لأنّ كليهما إظهار غير ما في الباطن «٣» .

والرّياء داخل في النّفاق العمليّ ويتّضح هذا من قول ابن رجب وقول ابن حجر عليهما رحمة الله:

فالرّياء كما عرّفه ابن حجر: إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها فيحمدوا صاحبها.

فالمقصود في الرّياء والنّفاق واحد، هو إظهار غير ما في السّرائر. والله أعلم.

وقال ابن حجر: الرّياء بكسر الرّاء وتخفيف التّحتانيّة والمدّ وهو مشتقّ من الرّئية. والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها فيحمدوا صاحبها.

وقال الغزاليّ: المعنى طلب المنزلة في قلوب النّاس بأن يريهم الخصال المحمودة، والمرائي هو العامل.

وقال ابن رجب: ومن أعظم خصال النّفاق العمليّ، أن يعمل الإنسان عملا ويظهر أنّه قصد به الخير، وإنّما عمله ليتوصّل به إلى غرض له سيّىء فيتمّ له ذلك ويتوصّل بهذه الخديعة إلى غرض ويفرح بمكره وخداعه وحمد النّاس له على ما أظهره ويتوصّل به إلى غرضه السّيّىء الّذي أبطنه «٤» .

[حكم النفاق:]

النّفاق إن كان عقديّا فهو كفر صراح، بل هو أشدّ منه، ولذلك جعلت للمنافقين درجة في جهنّم لايصلاها سواهم لعظم ضررهم، وشدّة خطرهم يقول الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ


(١) التعريفات (٢٤٥) .
(٢) جامع العلوم والحكم (٣٧٥) .
(٣) النهاية في غريب الحديث (٥/ ٩٨) .
(٤) جامع العلوم والحكم (٣٧٨) .