للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (العلم)

٥٤-* (عن معاوية بن الحكم السّلميّ رضي الله عنه- قال: بينا أنا أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمّياه! ما شأنكم؟

تنظرون إليّ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمّا رأيتهم «١» يصمّتونني «٢» ، لكنّي سكتّ. فلمّا صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فبأبي هو وأمّي! ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه. فو الله ما كهرني «٣» ولا ضربني ولا شتمني. قال: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النّاس، إنّما هو التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قلت: يا رسول الله! إنّي حديث عهد بجاهليّة «٤» . وقد جاء الله بالإسلام.

وإنّ منّا رجالا يأتون الكهّان. قال: «فلا تأتهم» قال:

ومنّا رجال يتطيّرون. قال: «ذاك شيء يجدونه في صدورهم. فلا يصدّنّهم» (قال ابن الصّبّاح: فلا يصدّنّكم) » قال: قلت: ومنّا رجال يخطّون.

قال: «كان نبيّ من الأنبياء يخطّ «٥» . فمن وافق خطّه فذاك» قال: وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوّانيّة «٦» . فاطّلعت ذات يوم فإذا الذّيب قد ذهب بشاة من غنمها. وأنا رجل من بني آدم. آسف كما يأسفون «٧» . لكنّي صككتها صكّة «٨» فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعظّم ذلك عليّ. قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟

قال: «ائتني بها» فأتيته بها. فقال لها: «أين الله؟» قالت:

في السّماء. قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله.

قال: «أعتقها. فإنّها مؤمنة» * «٩» .

٥٥-* (عن أبي رفاعة العدويّ- رضي الله عنه- قال: انتهيت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب، قال:

فقلت: يا رسول الله! رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه. قال: فأقبل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وترك خطبته حتّى انتهى إليّ فأتي بكرسيّ حسبت قوائمه حديدا. قال: فقعد عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجعل يعلّمني ممّا علّمه الله، ثمّ أتى خطبته فأتمّ آخرها» ) * «١٠» .

٥٦-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-


(١) رأيتهم: أي علمتهم.
(٢) يصمتونني: أي يسكتونني.
(٣) كهرني: القهر والكهر والنهر متقاربة. أي ما قهرني ولا نهرني.
(٤) بجاهلية: الجاهلية: ما قبل ورود الشرع. سموا جاهلية لكثرة جهالتهم وفحشهم.
(٥) يخط: أي يضرب خطوطا كخطوط الرمل فيعرف الأمر بالفراسة. وهو نوع من الكهانة. ولهم فيه أوضاع واصطلاح وأسام وعمل كثير، ويستخرجون به الضمير وغيره، والنبي هو إدريس أو دانيال.
(٦) الجوانية: موضع في شمال المدينة بقرب أحد.
(٧) آسف كما يأسفون: أي أغضب كما يغضبون.
(٨) صككتها صكة: أي ضربتها بيدي مبسوطة.
(٩) مسلم (٥٣٧) .
(١٠) مسلم (٨٧٦) .