راج عنده راج عند النّاس. حينما عهد أبو بكر لعمر بالخلافة أوصاه قائلا: اعلم أنّهم لن يزالوا منك خائفين ما خفت الله. وقال عمر في خطبة له بعد توليته: من رأى فيّ اعوجاجا فليقوّمه، فقال أعرابيّ:
والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقوّمناه بسيوفنا. ومن شدّة حرصه على مال الدّولة وخوفه من سؤال الله عن الأموال العامّة يقول: لو ماتت شاة على شطّ الفرات ضائعة لظننت أنّ الله سائلني عنها يوم القيامة.
[تكافؤ المسئولية والجزاء:]
حدّد القرآن الجزاء بقدر المسئوليّة مع إيثار جانب الرّحمة والعفو. ومضاعفة الحسنة. قال تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها (الأنعام/ ١٦٠) . مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ (القصص/ ٨٤) .
ويمثّل القرآن العدل الإلهي بالميزان. ذلك الميزان الّذي جعله أركان رسالة الأنبياء. قال تعالى:
لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (الحديد/ ٢٥) .
وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ* أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (الرحمن/ ٧- ٩) .
هذه معالم المسئوليّة في الإسلام: فالإنسان مسئول عن كسبه من خير وشرّ ومجازى عنه. وباب التّوبة مفتوح له ما بقيت الحياة، والجزاء العادل يوم القيامة «١» .
يقول الدّكتور عليّ أبو العينين:
ومسئوليّة الفرد نحو المجتمع تتلخّص في التّالي:
١- الالتزام بقانون الجماعة، وهذا يستلزم من الأفراد الالتزام بعقيدة المجتمع الأساسيّة، الّتي تعتبر أمانة اجتماعيّة.
٢- التّعاون مع الجماعة في سبيل الخير العامّ:
وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى (المائدة/ ٢) . من مساهمة الاقتصاد وغير ذلك.
٣- تقديم العمل الصّالح والتّنافس في هذا السّبيل: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (هود/ ٧) .
حيث يجب الإنفاق في سبيل الله، واستثمار الأموال، والاعتدال في الإنفاق وغير ذلك من الجوانب الأخلاقيّة.
٤- نشر العلم الّذي يسهم إسهاما إيجابيّا في بناء المجتمع وتطويره واستغلال الذّكاء في هذا السّبيل: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ (التوبة/ ١٢٢) . ومن ذلك، الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
(١) انظر دستور الأخلاق في القرآن لدراز (١٤٨- ٢٢٢) . وقارن بما ذكره الدكتور كمال عيسي في «كلمات في الأخلاق الإسلامية (١٢٢- ١٣٠) » .