ويخضع اللسان أيضا لتوجيه النفس المطمئنة فلا يصدر عنه فيما يتعلّق بالله- عز وجل- إلّا كل طيب كالابتهال والدعاء والاستخارة والاستغاثة والذكر وتلاوة القرآن، وفيما يتعلّق بالإنسان نفسه نجد صفات مثل كتمان السر وحفظ الأيمان ونحوهما، أما فيما يتعلّق بالغير فيتصف اللسان بالصدق والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبشارة والدعوة إلى الله- عز وجل- ونحو ذلك. [انظر الكشاف التوضيحي (٤ أ، ٤ ج) و (٤ ب، ٤ د) وما فيه من صفات أعمال العقل والقلب والجوارح واللسان وعلاقاتها مع الله ومع النفس ومع الغير] .
الدور الأخلاقي للنفس الأمّارة:
للنفس الأمارة بالسوء أيضا تأثيرها العظيم في مجال الأخلاق، إذ تحض على الشر، وعلى مخالفة أمر الله تعالى، وتتعاون مع الشيطان في النهي عن فعل الخير ولذلك وصفها المولى- عز وجل- بالفجور لخروجها عن أمر الله وما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم فإذا سلك الإنسان مسلكا متبعا هواه ونفسه الأمارة بالسوء جاء هذا السلوك قبيحا ويتسم بالنيّة السيئة وإرادة الشر، هذا منبع كل ما يصدر عن الإنسان قبيحا وسيئا سواء أكان ذلك من عمل القلب أو اللسان أو الجوارح. ففي مجال القلب نجد الشرك والكفر والإلحاد والجحود والعصيان.. إلخ. أما مع النفس فإننا نجد اتباع الهوى والغرور والكبر والعجب ونحوها من أمراض القلب، وكذلك الأمراض الاجتماعية من نحو الجفاء والغلظة والبغض والحسد والمكر والنقمة ونحوها. [انظر الكشاف التوضيحي (٤ ب) إطار ١] .
فإذا انتقلنا إلى الجوارح التي تأتمر بأمر هذه النفس الشريرة وجدنا ترك الصلاة والتهاون في أداء الجماعات والفسوق ونحوها، هذا مع الله- عز وجل-، أما مع الذات فإننا نجد التبذير والتبرج والتفريط والخنوثة والكسل وما أشبه ذلك، أما مع الغير فنجد الإجرام والإرهاب والأذى والإساءة والشح والطغيان ونحو ذلك مما تضمنته القائمة. انظر الكشاف التوضيحي (٤ ب) إطار ٢.
وفيما يتعلّق بأعمال اللسان الذي استجاب لهذه النفس الأمّارة بالسوء فإننا نجد اللغو والمجاهرة بذكر المعصية ونحو ذلك، وفيما يتعلّق بالنفس فإننا نجد التكاثر والفخر ونحوهما، أما البلاء الأعظم فهو ينجم عن اللسان في حق الآخرين من نحو الإفك والبهتان وشهادة الزور والسخرية والاستهزاء والشماتة وإفشاء السر ونحو ذلك مما تضمنته القائمة [انظر الكشاف التوضيحي (٤ ب) إطار ٣.
[الدور الأخلاقي للنفس اللوامة]
إن اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء يؤدي حتما إلى الفشل والتشاؤم، وأما اتباع النفس المطمئنة فإنه يؤدي إلى النجاح والتفاؤل، [انظر الكشاف التوضيحي (١٢) ] ، ولكن ماذا بعد؟ أليست هناك إمكانية للموازنة والتصحيح وإعادة الإنسان إلى طبيعته الخيّرة؟ الجواب: نعم. وهنا يأتي دور النفس اللوامة التي تشكل صماما للوقاية وميزانا للتقويم، وقد تنجح هذه النفس عن طريق المجاهدة والمحاسبة والمراقبة في تصحيح وضع الفجور، فيعود الإنسان إلى الخير بالذكر والاستعاذة والتوبة والاحتساب ونحو ذلك مما تضمنته القائمة ١٣ أ، فإذا ذكر الله- عز وجل- واستعان الإنسان بالله تعالى واستعاذ من الوسوسة خنس الشيطان وهرب، وهنا يجد المرء نفسه عائدا إلى الله وفارّا إليه من هوى النفس والشيطان فيفعل المأمورات ويجتنب المنهيات ويعود عضوا صالحا في المجتمع.