للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الإخبات]

[الإخبات لغة:]

الإخبات مصدر أخبت، وتدلّ مادّة (خ ب ت) في الأصل على المفازة لا نبات فيها أو على المطمئنّ من الأرض، وأخبت الرّجل: قصد الخبت أو نزله، نحو أسهل (نزل السّهل) وأنجد (دخل في نجد) ثمّ استعمل الإخبات استعمال اللّين والتّواضع، والخشوع لله والاطمئنان إليه، يقال: أخبت إلى ربّه أي اطمأنّ إليه «١» .

قال الفرّاء في قوله تعالى: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ (هود/ ٢٣) أي تخشّعوا لربّهم، قال: والعرب تجعل (إلى) في موضع اللّام. وفيه خبتة أي تواضع» .

قال الثّوريّ- رحمه الله تعالى- في قوله تعالى:

وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (الحج/ ٣٤) قال: المطمئنّين الرّاضين بقضاء الله المستسلمين له. قال الله تعالى الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (الحج/ ٣٥) «٣» .

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٣/ ١/ ١٠

وبه فسّر ابن عبّاس- رضي الله عنهما- وقتادة لفظ «المخبتين» وقالا: هم المتواضعون.

وقال مجاهد: المخبت المطمئنّ إلى الله عزّ وجلّ. قال:

والخبت: المكان المطمئنّ من الأرض، وقال الأخفش:

الخائفون، وقال الكلبيّ: هم الرّقيقة قلوبهم.

وهذه الأقوال تدور على معنيين: التّواضع، والسّكون إلى الله- عزّ وجلّ-، ولذلك عدّي بإلى، تضمينا لمعنى الطّمأنينة، والإنابة والسّكون إلى الله «٤» .

[واصطلاحا:]

هو الخضوع والتّذلّل لله- عزّ وجلّ- مع المحبّة والتّعظيم له «٥» .

قال ابن القيّم- رحمه الله-:

والإخبات من أوّل مقامات الطّمأنينة.

كالسّكينة، واليقين، والثّقة بالله ونحوها. فالإخبات:

مقدّمتها ومبدؤها. وبه يكون ورود المأمن من الرّجوع والتّردّد.

إذ لمّا كان «الإخبات» أوّل مقام يتخلّص فيه


(١) المقاييس (٢/ ٣٨) ، ومفردات الراغب (١٠٤) .
(٢) النهاية لابن الأثير (٢/ ٤) ، الصحاح للجوهري. (١/ ٢٤٧) ، ولسان العرب لابن منظور (٢/ ٢٧، ٢٨) .
(٣) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٢٢٢) .
(٤) مدارج السالكين لابن القيم (٢/ ٦) .
(٥) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.