للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل هو: الإعطاء بالسّهولة.

وقيل: الكرم هو إفادة ما ينبغي لا لغرض فمن يهب المال لغرض جلبا للنّفع، أو خلاصا عن الذّمّ، فليس بكريم. فالكريم من يوصل النّفع بلا عوض «١» .

[معنى اسم الله (الكريم) :]

قال أبو حامد الغزاليّ: والكريم من أسماء الله تعالى؛ هو الّذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرّجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى، وإذا جفي عاتب، ولا يضيع من لاذبه والتجأ. ويغنيه عن الوسائط والشّفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتّكلّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط. وقيل: الكريم: هو الكثير الخير، الجواد المعطي الّذي لا ينفد عطاؤه، وهو الكريم المطلق. والكريم:

الجامع لأنواع الخير والشّرف والفضائل. والكريم اسم جامع لكلّ ما يحمد، فالله- عزّ وجلّ- كريم حميد الفعال وربّ العرش الكريم العظيم «٢» .

[أنواع الكرم:]

قال الكفويّ: الكرم إن كان بمال فهو جود.

وإن كان بكفّ ضرر مع القدرة فهو عفو. وإن كان ببذل النّفس فهو شجاعة «٣» .

[الكرم أخلاق محمودة وأفعال مشهودة:]

قال الفيرزاباديّ- رحمه الله-: والكرم إذا وصف الله به فهو اسم لإحسانه وإنعامه، وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة.

الّتي تظهر منه، ولا يقال: هو كريم حتّى يظهر منه ذلك. قال بعض العلماء: الكرم كالحرّية، إلّا أنّ الحرّيّة قد تقال في المحاسن الصّغيرة والكبيرة، والكرم لا يقال إلّا في الكبيرة؛ كإنفاق مال في تجهيز جيش الغزاة، وتحمّل حمالة ترقأ بها دماء قوم. وقوله تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ (الحجرات/ آية ١٣) ، إنّما كان كذلك لأنّ الكرم الفعال المحمودة، وأكرمها ما يقصد به أشرف الوجوه، وأشرف الوجوه ما يقصد به وجه الله، فمن قصد به ذلك فهو التّقيّ. فإذا أكرم النّاس أتقاهم، وكلّ شيء يشرف في بابه وصف بالكرم، نحو قوله تعالى أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (الشعراء/ ٧) ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (الواقعة/ ٧٧) .

وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً (الإسراء/ ٢٣) «٤» .

[الفرق بين الكرم والجود:]

قال الكفويّ: الكرم يكون مسبوقا باستحقاق السّائل والسّؤال منه.

والجود: صفة ذاتيّة للجواد ولا يستحقّ بالاستحقاق والسّؤال، والجواد يطلق على الله تعالى


(١) التعريفات للجرجاني (١٨٤) والإحياء للغزالي (٣/ ٢٤٦) ، التوقيف على مهمات التعاريف لابن المناوي (٢٨١) .
(٢) لسان العرب (٧/ ٣٨٦١) .
(٣) الكليات للكفوي (٥٣) .
(٤) بصائر ذوي التمييز (٤/ ٣٤٣، ٣٤٤) .