للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجبان الفشل، تضيع قوّته بكسله، وجلده بفشله.

وشرف النّفس مع صغر الهمّة أولى من علوّ الهمّة مع دناءة النّفس، لأنّ من علت همّته مع دناءة نفسه، كان متعدّيا إلى طلب ما لا يستحقّه، ومتخطّيا إلى التماس ما لا يستوجبه، ومن شرفت نفسه مع صغر همّته، فهو تارك لما يستحقّ ومقصّر عمّا يجب له، وفضل ما بين الأمرين ظاهر، وإن كان لكلّ واحد منهما من الذّمّ نصيب «١» .

[صغر الهمة اصطلاحا:]

قال الجاحظ: صغر الهمّة: هو ضعف النّفس عن طلب المراتب العالية، وقصور الأمل عن بلوغ الغايات، واستكثار اليسير من الفضائل، واستعظام القليل من العطايا والاعتداد به، والرّضا بأوساط الأمور وأصاغرها «٢» .

وقال الرّاغب: صغر الهمّة: ترك الإنسان لما يستحقّه وهو والدّناءة سواء. وقال أيضا: الكبير الهمّة على الإطلاق هو من لا يرضى بالهمم الحيوانيّة قدر وسعه فلا يصير عبد عارية بطنه وفرجه، بل يجتهد أن يتخصّص بمكارم الشّريعة فيصير من خلفاء الله وأوليائه في الدّنيا ومجاوريه في الآخرة، والصّغير الهمّة من كان على الضّدّ من ذلك «٣» .

الفرق بين التّنفّج وصغر الهمّة:

التّنفّج تأهّل الإنسان لما لا يستحقّه، وهو البذخ، وصغر الهمّة تركه لما لا يستحقّه وهو الدّناءة وكلاهما مذموم لكنّ المتنفّج جاهل أحمق، والصّغير الهمّة جاهل غير أحمق «٤» .

[للاستزادة: انظر صفات: التخاذل- الضعف- الكسل- اللهو واللعب- الوهن- التفريط والإفراط- التهاون- اتباع الهوى.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: علو الهمة- الرجولة- الشجاعة- الطموح- العمل- النشاط- القوة- قوة الإرادة- العزم والعزيمة] .


(١) أدب الدنيا والدين للماوردي (٣٠٨- ٣٠٩) .
(٢) تهذيب الأخلاق للجاحظ (٣٤) .
(٣) الذريعة إلى مكارم الشريعة (٢٩١) .
(٤) المرجع السابق نفسه.