[الفصل الرابع وسائل تنمية الأخلاق الإسلامية]
[مقدمة:]
لا يمكن لأي مذهب أو نظرية أو فكرة أن تترجم عن ذاتها، وتحقق أهدافها بدون وسيلة تمكنها من أن تتجسد في سلوك الناس.
وإذا كانت التربية الإسلامية- في هذا المجال- تقوم بدور عظيم، وهو تغيير أنماط من السلوك وبعض من الأخلاق التي تكبل المسيرة الصحيحة نحو أهدافها، إلى الأخلاق الإسلامية الصحيحة، وتخفيف حدة الصراع القيمي السائد، ذلك التغيير اللازم من وسط ومعطيات القيم الإسلامية، وما توحي به معطيات العصر المعقدة المتشابكة، ومتغيراته الثقيلة الشديدة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا- بالذات- وهو ما الوسيلة إلى ذلك؟
وما دور الوسائط التربوية المتعددة في هذا السبيل؟
والإجابة على هذا السؤال في ظل المعطيات السابقة تشكل تحديا حقيقيا، بل أمرا صعبا في ظل الوضعيات الاجتماعية السائدة، لأن الوسيلة لا يمكن أن تقدم، ولا يمكن تحديد دور الوسائط بعيدا عن تلك الوضعيات، لأنها البؤرة الحقيقية التي تنعكس عليها تلك الوضعيات.
ورغم هذا نحاول الاجتهاد استمدادا من الممارسات السابقة للمجتمع العربي الإسلامي، وخاصة في أزهى فتراته، فترة النبوة، لعرض الوسائل، وتحديد أدوار الوسائط في إطار من مراعاة متغيرات العصر وذلك في إطار تربوي عام لا يقتصر أو لا يقف عند مجرد الممارسات التدريسية أو التعليمية، ومن أجل تحقيق هذا الغرض، سنتعرض هنا للنقاط التالية:
- مفهوم الوسيلة التربوية.
- شروط الوسيلة.
- بعض وسائل تنمية القيم الإسلامية.
[أولا: مفهوم الوسيلة التربوية:]
الوسيلة: ما يتقرب به إلى الشيء، والجمع وسائل «١» ، ويقصد بها- تربويا- الإجراء المحدد لنقل المعلومات أو المعارف والمهارات أو الاتجاهات والقيم بهدف تحقيق هدف تربوي مرغوب فيه.
فإذا كنا نهدف- مثلا- إلى تنمية شيء ما، كالقيم فلا بد من إجراء نتخذه من أجل تحقيق هذا الهدف، ومعنى ذلك أننا اتخذنا لذلك وسيلة، قد تكون أسلوبا تدريسيا أو تربويا عاما.
فالوسيلة إجراء محدد يستخدم لتحقيق هدف تربوي، أما في التدريس فهي الأداة المستخدمة لنقل محتوى
(١) الفيومي، المصباح المنير- بيروت- مكتبة لبنان- ١٩٧٧، ص ٢٥٣.