للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أمّا عزّة الله تعالى فمراد بها: الغلبة والقوّة والقدرة «١» .

أمّا العزّة المنسوبة لله- عزّ وجلّ- ولرسوله وللمؤمنين في قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (المنافقون/ ٨) فإنّ عزّة الله قهره من دونه، وعزّة رسوله إظهار دينه على الأديان كلّها وعزّة المؤمنين: نصر الله إيّاهم على أعدائهم «٢» . وقيل:

المعنى: ولله الغلبة والقوّة، ولرسوله وللمؤمنين «٣» .

وقيل: المقصود من هذا: التّهييج على طلب العزّة من جناب الله تعالى، والالتجاء إلى عبوديّته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين، الّذين لهم النّصرة في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد، روى الإمام أحمد- رحمه الله- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من انتسب إلى تسعة آباء كفّار، يريد بهم عزّا وفخرا، فهو عاشرهم في النّار» . «٤» .

[واصطلاحا:]

قال الرّاغب: العزّة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب «٥» .

وقال الكفويّ: العزّة: الغلبة الآتية على كلّيّة الباطن والظّاهر (وهذا في جناب الله تعالى) «٦» .

[معنى اسم الله «العزيز» :]

العزيز اسم من أسماء الله تعالى يقول ابن منظور: العزيز من صفات الله- عزّ وجلّ- وأسمائه الحسنى، ومعناه: الممتنع فلا يغلبه شيء، وقيل: هو القويّ الغالب كلّ شيء، وقيل: هو الّذي ليس كمثله شيء «٧» . وقال ابن الأثير: هو الغالب القويّ الّذي لا يغلب «٨» .

وقال الإمام الغزاليّ: العزيز: هو الخطير الّذي يقلّ وجود مثله وتشتدّ الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه، فما لم يجتمع عليه هذه المعاني الثّلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز، فكم من شيء يقلّ وجوده، ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه، لم يسمّ عزيزا، وكم من شيء يعظم خطره ولم يكثر نفعه، لم يسمّ عزيز، وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره، ولكن إذا لم يصعب الوصول إليه، لم يسمّ عزيزا، كالشّمس مثلا، فإنّه لا نظير لها، والأرض كذلك، والنّفع عظيم في كلّ منهما، والحاجة شديدة إليهما، ولكن لا يوصفان بالعزّة لأنّه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتهما، فلا بدّ إذن من اجتماع المعاني الثّلاثة (ليصحّ الوصف بالعزّة) ، ثمّ في كلّ واحد من المعاني الثّلاثة كمال ونقصان، والكمال في قلّة الوجود أن يرجع إلى واحد، إذ لا أقلّ من الواحد، ويكون بحيث يستحيل وجود مثله، وليس هذا إلّا الله تعالى، أمّا الشّمس فإنّها وإن كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان، فيمكن وجود مثلها في الكمال والنّفاسة، أمّا شدّة الحاجة فهي


(١) تفسير البغوي (١/ ٤٩١) .
(٢) المرجع السابق (٤/ ٣٥٠) .
(٣) مختصر تفسير الطبري (٢/ ٤٥٧) ، وعلى هذا يكون للعزة معنى واحد لا يختلف باختلاف الموصوف بها هنا.
(٤) عمدة التفسير بتحقيق الشيخ أحمد شاكر (٤/ ١٦) ، وانظر الحديث رقم (١٤) .
(٥) المفردات للراغب (٣٣٣) ، وبصائر ذوي التمييز (٤/ ٦١) والتوقيف على مهمات التعاريف لابن المناوي (٢٤١) .
(٦) الكليات للكفوي (٦٣٩) .
(٧) لسان العرب (٥/ ٣٧٤) ط. بيروت، بتصرف يسير..
(٨) النهاية لابن الأثيرر (٣/ ٣٢٨) .