للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلّى ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا.

فرفع رأسه إلى السّماء فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك.

فقال «اللهمّ أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني» قال فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هي حافلة «١» وإذا هنّ حفّل كلّهنّ.

فعمدت إلى إناء لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة. فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أشربتم شرابكم اللّيلة؟» قال: قلت يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فقلت يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فلمّا عرفت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد روي وأصبت دعوته ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إحدى سوآتك يا مقداد» «٢» فقلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا وفعلت كذا. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «ما هذه إلّا رحمة من الله «٣» . أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها» . قال: فقلت: والّذي بعثك بالحقّ ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من النّاس) * «٤» .

١٤-* (عن ابن شهاب- رضي الله عنه- قال: غزا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة الفتح، فتح مكّة. ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمن معه من المسلمين. فاقتتلوا بحنين.

فنصر الله دينه والمسلمين. وأعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ صفوان بن أميّة مائة من النّعم. ثمّ مائة. ثمّ مائة.

قال ابن شهاب: حدّثني سعيد بن المسيّب:

أنّ صفوان قال: والله! لقد أعطاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أعطاني، وإنّه لأبغض النّاس إليّ. فما برح يعطيني حتّى إنّه لأحبّ النّاس إليّ) * «٥» .

[من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الجود)]

١-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: «لمّا مات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جاء أبا بكر مال من قبل العلاء بن الحضرميّ. فقال أبو بكر: «من كان له على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دين، أو كانت له قبله عدة، فليأتنا» ) * «٦» .

٢-* (قال أبو هريرة- رضي الله عنه-: «ما احتذى البغال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا لبس الكور من رجل بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أفضل من جعفر بن أبي طالب في الجود والكرم» ) * «٧» .

٣-* (قال عبد الله بن جعفر لرجل قال له:

تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟ فقال:

«ذاك مالي جدت به، وهذا عقلي بخلت به» ) * «٨» .

٤-* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى:

«بذل المجهود في بذل الموجود منتهى الجود» ) * «٩» .


(١) حافلة: أي ممتلئ ضرعها باللبن.
(٢) إحدى سوءاتك: أي أنك فعلت سوأة من الفعلات فما هي؟.
(٣) ما هذه إلا رحمة من الله: يشير صلّى الله عليه وسلّم إلى إحداث اللبن في غير حينه.
(٤) مسلم (٢٠٥٥) .
(٥) مسلم (٢٣١٣) .
(٦) أحمد (٢/ ٤١٣- ٤١٤) .
(٧) المقاصد الحسنة للسخاوي (٢٩٢) .
(٨) الإحياء (٣/ ٢٤٧) .
(٩) الإحياء (٣/ ٧٢٤) .