للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يده، كان أولى أن يجود بما خرج عن يده فطاب نفسا بفراقه.

الثّالث: الإفضال: وهو نوعان:-

إفضال اصطناع، ويتضمّن ما أسداه جودا في شكور أو ما تألّف به نبوة نفور، وكلاهما من شروط المروءة لأنّ من قلّت صنائعه في الشّاكرين، وأعرض عن تألّف النّافرين، كان فردا مهجورا، وقابعا «١» محقورا، ولا مروءة لمتروك مطروح ولا قدر لمحقور مهتضم.

إفضال استكفاف (أي بالكفّ عن السّفهاء) لأنّ ذا الفضل، لا يعدم حاسد نعمة يبعثه اللّؤم على البداء بسفهه، فإن غفل ذو المروءة عن استكفاف السّفهاء صار عرضه هدفا للمثالب، وحاله عرضة للنّوائب، فإن استكفّهم صان عرضه، وحمى نعمته، وعليه أن يخفي ذلك حتّى لا تنتشر فيه مطامع السّفهاء، وأن يتطلّب له في المجاملة وجها ويجعل في الإفضال عليه سببا «٢» .

[بما تكون المروءة:]

قال أبو حاتم البستيّ رحمه الله: اختلف النّاس في كيفية المروءة، على أقوال منها: المروءة: إكرام الرّجل إخوان أبيه، وإصلاحه ماله، وقعوده على باب داره ويقصد، بهذا: كرمه. وإتيان الحقّ. وتقوى الله وإصلاح الضّيعة. وإنصاف الرّجل من هو دونه والسّموّ إلى من هو فوقه، والجزاء بما أتي إليه (يقبل الهديّة ويثيب عليها) .

ومروءة الرّجل: صدق لسانه واحتمال عثرات جيرانه وبذل المعروف لأهل زمانه وكفّه الأذى عن أباعده وجيرانه.

وحسن العشرة وحفظ الفرج واللّسان وترك المرء ما يعاب منه ... وقال ربيعة: المروءة مروءتان فللسّفر مروءة وللحضر مروءة، فأمّا مروءة السّفر:

فبذل الزّاد، وقلّة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله. وأمّا مروءة الحضر:

فالإدمان إلى المساجد، وكثرة الإخوان في الله، وقراءة القرآن.

قال أبو حاتم: اختلفت ألفاظهم في كيفيّة المروءة، ومعاني ما قالوا قريبة بعضها من بعض، أورد لها أكثر من عشرين تعريفا، ثمّ يقول: والمروءة عندي خصلتان: اجتناب ما يكره الله والمسلمون من الفعال، واستعمال ما يحبّ الله والمسلمون من الخصال «٣» .

[الفرق بين المروءة والرجولة والفتوة:]

انظر صفة الرجولة.

[للاستزادة: انظر صفات: الإغاثة- تفريج الكربات- حسن الخلق- الرجولة- الشهامة- العفة- النزاهة- النبل- الإيثار- أكل الطيبات.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الأذى- الإمعة- التخاذل- التفريط والإفراط- التهاون- الإعراض- أكل الحرام- الأثرة] .


(١) من قولهم: قبع القنفذ إذا أدخل رأسه في جلده حتى لا يراه أحد.
(٢) أدب الدنيا والدين (٣٠٦- ٣٣٤) بتصرف.
(٣) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (٣٠٤- ٣١٠) .