للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أضرار المعاصي:]

قال ابن القيّم رحمه الله: ممّا ينبغي أن يعلم: أنّ الذّنوب والمعاصي تضرّ، ولا بدّ أنّ ضررها في القلب كضرر السّموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضّرر. وهل في الدّنيا والآخرة شرّ وداء إلّا بسبب الذّنوب والمعاصي؟

فما الّذي أخرج الأبوين من الجنّة، دار اللّذّة والنّعمة والبهجة والسّرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟

وما الّذي أخرج إبليس من ملكوت السّماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح من صورته وأشنع، وبدّل بالقرب بعدا، وبالرّحمة لعنة، وبالجمال قبحا، وبالجنّة نارا تلظّى، وبالإيمان كفرا؟

وما الّذي أغرق أهل الأرض كلّهم حتّى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟. وما الّذي سلّط الرّيح على قوم عاد حتّى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنّهم أعجاز نخل خاوية، ودمّرت ما مرّت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابّهم حتّى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟

وما الّذي أرسل على قوم ثمود الصّيحة حتّى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟

وما الّذي رفع اللّوطيّة حتّى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثمّ قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعا؟

وما الّذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظّلل، فلمّا صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظّى؟

وما الّذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثمّ نقلت أرواحهم إلى جهنّم، والأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟.

وما الّذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟

وما الّذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمّرها تدميرا؟

وما الّذي أهلك قوم صاحب يس «١» بالصّيحة حتّى خمدوا عن آخرهم؟

وما الّذي بعث على بني إسرائيل قوما أولي بأس شديد، فجاسوا خلال الدّيار وقتلوا الرّجال، وسبوا الذرّيّة والنّساء، وأحرقوا الدّيار، ونهبوا الأموال، ثمّ بعثهم عليهم مرّة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبّروا ما علوا تتبيرا؟ «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: اتباع الهوى- الزنا- شرب الخمر- الضلال- الفسوق- الإعراض- انتهاك الحرمات- ترك الصلاة- التفريط والإفراط- الغفلة- الأمن من المكر.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الطاعة- الإيمان- الإسلام- التقوى- تعظيم الحرمات- الاستقامة- الصلاة- الاتباع- اليقين- الخوف- الخشية- تذكر الموت- بر الوالدين] .


(١) صاحب يس: هو الذي تشير إليه الآيات الكريمة الواردة في سورة يس (من الآية ٢٠- ٢٩) .
(٢) الجواب الكافي لابن القيم (٤٦- ٤٧) .