كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

الأحاديث الواردة في (الأمانة) - الأحاديث الواردة في (الأمانة) معنى - ج: 3 - ص: 520

فيقوم فيؤذن له. وترسل الأمانة والرّحم «١» فتقومان جنبتي الصّراط يمينا وشمالا. فيمرّ أوّلكم كالبرق» .

قال قلت: بأبي أنت وأمّي أيّ شيء كمرّ البرق؟ قال:

«ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين؟ ثمّ كمرّ الرّيح. ثمّ كمرّ الطّير، وشدّ الرّجال «٢» . تجري بهم أعمالهم «٣» . ونبيّكم قائم على الصّراط يقول: ربّ سلّم سلّم. حتّى تعجز أعمال العباد حتّى يجيء الرّجل فلا يستطيع السّير إلّا زحفا» . قال: «وفي حافتي الصّراط كلاليب معلّقة مأمورة بأخذ من أمرت به. فمخدوش ناج ومكدوس «٤» في النّار» ) * «٥» .

[الأحاديث الواردة في (الأمانة) معنى]

٢٧-* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «العامل على الصّدقة بالحقّ كالغازي في سبيل الله حتّى يرجع إلى بيته» ) * «٦» .

٢٨-* (عن أبي زرارة عديّ بن عميرة الكنديّ- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة، قال:

فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأنّي أنظر إليه.

فقال: يا رسول الله اقبل عنّي عملك، قال: وما لك؟

قال: سمعتك تقول: كذا وكذا. قال: وأنا أقوله الآن.

من استعملناه منكم على عمل فليجأ بقليله وكثيرة. فما أوتي منه أخذ، وما نهي عنه انتهى» ) * «٧» .

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (الأمانة)

٢٩-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: بعث عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من اليمن بذهيبة «٨» في أديم مقروظ «٩» ، لم تحصّل من ترابها «١٠» . قال فقسمها بين أربعة نفر:

بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرّابع إمّا علقمة وإمّا عامر بن الطّفيل. فقال رجل

---

(١) وترسل الأمانة والرحم: إرسال الأمانة والرحم لعظم أمرهما وكبير موقعهما. فتصوران مشخصتين على الصفة التي يريدها الله تعالى.
(٢) شد الرجال: الشد هو العدو البالغ الجري.
(٣) تجري بهم أعمالهم: هو تفسير لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فيمر أولكم كالبرق» ثم كمر الريح ...
(٤) مكدوس في النار: أي مدفوع فيها.
(٥) مسلم (١٩٥)
(٦) الحاكم (١/ ٤٠٦) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٧) مسلم (١٨٣٣) واللفظ له، أبو داود (٣٥٨١) .
(٨) ذهيبة: تصغير ذهبة وأنثها على معنى القطعة.
(٩) أديم مقروظ: أي في جلد مدبوغ بالقرظ، والقرظ حب يؤخذ من ثمر شجر العضاه.
(١٠) لم تحصّل من ترابها: لم تميز ولم تصفّ من تراب معدنها.