للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الغفران)]

٢٥-* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه- قال: كنت جالسا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتّى أبدى عن ركبته، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أمّا صاحبكم فقد غامر «١» » ، فسلّم وقال:

يا رسول الله، إنّي كان بيني وبين الخطّاب شيء، فأسرعت إليه ثمّ ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ، فأقبلت إليك. فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر (ثلاثا) .

ثمّ إنّ عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثمّ أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فجعل وجه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتمعّر «٢» ، حتّى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم (مرّتين) . فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله بعثني إليكم» ، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟

(مرّتين) . فما أوذي بعدها» ) * «٣» .

٢٦-* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- عن النّبّيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال وهو على المنبر: «ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرّين الّذين يصرّون على ما فعلوا وهم يعلمون» ) * «٤» .

[الأحاديث الواردة في (العفو) معنى]

٢٧-* (عن حذيفة- رضي الله عنه- قال:

أتي الله تعالى بعبد من عباده آتاه الله مالا، فقال له: ماذا عملت في الدّنيا؟. قال: وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (النساء/ ٤٢) . قال: يا ربّ آتيتني مالك، فكنت أبايع النّاس، وكان من خلقي الجواز «٥» فكنت أتيسّر على الموسر وأنظر المعسر. فقال- تعالى: أنا أحقّ بذا منك، تجاوزوا عن عبدي» . فقال عقبة بن عامر الجهنيّ وأبو مسعود الأنصاريّ- رضي الله عنهما-: هكذا سمعناه من في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «٦» .

٢٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تجاوز لي عن أمّتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلّم» ) * «٧» .

٢٩-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: صعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المنبر، وكان آخر مجلس جلسه متعطّفا ملحفة على منكبيه قد عصب رأسه بعصابة دسمة، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «أيّها النّاس!


(١) غامر: أي دخل في غمرة الخصومة، والغامر في الأصل هو الذي يرمي بنفسه في الأمر العظيم كالحرب وغيرها، وقيل هو من الغمر بكسر الغين وهو الحقد، ويكون المعنى صنع أمرا اقتضى له أن يحقد على من صنعه معه ويحقد عليه الاخر.
(٢) تمعر الوجه: أن تذهب نضارته من الغضب.
(٣) البخاري- الفتح (٣٦٦١) .
(٤) رواه أحمد (حديث رقم ٦٥٤١) ، وقال الشيخ شاكر: إسناده صحيح.
(٥) الجواز: المجاوزة أي التسامح والتساهل في البيع والاقتضاء.
(٦) مسلم (١٥٦٠) .
(٧) البخاري- الفتح ٥ (٢٥٢٩) واللفظ له، ومسلم (١٢٧) .