للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مرتبة مستقلّة من مراتب التّلاوة. وذهب آخرون إلى أنّه نوع من التّرتيل. وهو في اللّغة: مصدر حقّقت الشّيء إذا بلغت يقينه، ومعناه المبالغة في الشّيء بالإتيان على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص عنه. وهو عند علماء التّجويد إعطاء الحروف حقّها من إشباع المدّ وتحقيق الهمز وإتمام الحركات وتوفية الغنّات وتفكيك الحروف (وهو بيانها) وإخراج بعضها من بعض بالسّكت والتّرسّل والتّؤدة والوقف على الوقوف الجائزة والإتيان بالظهار والإدغام على وجهه وهو الّذي يستحسن ويستحبّ الأخذ به للمتعلّمين، من غير أن يتجاوز به حدّ الإفراط.

يقول الشّيخ مكّيّ نصر: ذكر بعض شرّاح الجزريّة أنّ التّرتيل نوع من التّحقيق عند الأكثرين فكلّ تحقيق ترتيل ولا عكس، وفرّق بعضهم بينهما بأنّ التّحقيق يكون للرّياضة والتّعليم، وبأنّ التّرتيل يكون للتّدبّر والتّفكّر والاستنباط.

الزّمزمة:

هي القراءة في النّفس خاصّة «١» .

أيّ هذه الأنواع أفضل؟:

اختلف العلماء- رحمهم الله- في الأفضل. هل هو التّرتيل مع قلّة القراءة أو السّرعة مع كثرة القراءة؟ قال ابن الجزريّ والصّواب ما عليه معظم السّلف والخلف وهو أنّ التّرتيل والتّدوير مع قلّة القراءة أفضل من السّرعة مع كثرتها؛ لأنّ المقصود من القرآن فهمه والتّدبّر فيه والعمل به، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى فهم معانيه «٢» .

[من آداب التلاوة:]

لتلاوة القرآن الكريم آداب عديدة أفردها بعض العلماء بالتّصنيف ولخّصها السّيوطيّ وزاد عليها في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) أمورا عديدة، فمن ذلك:

استحباب الوضوء؛ لأنّ القرآن الكريم أفضل الأذكار، وكان صلّى الله عليه وسلّم يكره أن يذكر الله إلّا على طهر، قال إمام الحرمين: ولا تكره القراءة للمحدث؛ لأنّه صحّ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ مع الحدث (الأصغر) وإذا كان يقرأ تعرّضت له ريح أمسك عن القراءة حتّى يستتمّ خروجها وأمّا الجنب والحائض فتحرم عليهما القراءة وإن كان يجوز لهما النّظر في المصحف وإمراره على القلب أي التّلاوة بغير صوت.

من السّنّة القراءة في مكان نظيف وأفضل ذلك المسجد.

يسنّ أن يستاك تعظيما وتطهيرا.


(١) نهاية القول المفيد (١٦) .
(٢) نهاية القول المفيد (١٧) ، وقد نقل عن بعض أئمة القراءة أن ثواب الترتيل أرفع قدرا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة والثاني كمن تصدق بعدد من الدنانير.