للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالوقائع، عارفا بالواجب، قاصدا للعدل، فدرجة هذا أفضل من درجة الصّائم القائم» ) * «١» .

٥-* (عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت جالسا مع محمّد بن كعب القرظيّ، فأتاه رجل فقال له القوم: أين كنت؟ فقال: أصلحت بين قوم، فقال محمّد بن كعب: أصبت. لك مثل أجر المجاهدين، ثمّ قرأ لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ ...

(النساء/ ١١٤)) * «٢» .

٦-* (قال العلماء: لا تخلو الفئتان من المسلمين في اقتتالهما، إمّا أن يقتتلا على سبيل البغي منهما جميعا أو لا، فإن كان الأوّل؛ فالواجب في ذلك أن يمشى بينهما بما يصلح ذات البين، ويثمر المكافّة والموادعة. فإن لم يتحاجزا ولم يصطلحا وأقامتا على البغى صير إلى مقاتلتهما، وأمّا إن كان الثّاني وهو أن تكون إحداهما باغية على الأخرى، فالواجب أن تقاتل فئة البغي إلى أن تكفّ وتتوب؛ فإن فعلت أصلح بينها وبين المبغيّ عليها بالقسط والعدل، فإن التحم القتال بينهما لشبهة دخلت عليهما وكلتاهما عند أنفسهما محقّة، فالواجب إزالة الشّبهة بالحجّة النّيّرة والبراهين القاطعة على مراشد الحقّ. فإن ركبتا متن اللّجاج ولم تعملا على شاكلة ما هديتا إليه ونصحتا به من اتّباع الحقّ بعد وضوحه لهما فقد لحقتا بالفئتين الباغيتين) * «٣» .

٧-* (قال الطّبريّ عند قوله تعالى: أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ (النساء/ ١١٤) «هو الإصلاح بين المتباينين أو المختصمين بما أباح الله الإصلاح بينهما ليرجعا إلى ما فيه الألفة واجتماع الكلمة على ما أذن الله وأمر به) * «٤» .

٨-* (قال الفضيل: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلا فقل يا أخي اعف عنه فإنّ العفو أقرب للتّقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو ولكن أنتصر كما أمرني الله- عزّ وجلّ- قل: فإن كنت تحسن تنتصر مثلا بمثل وإلّا فارجع إلى باب العفو فإنّه باب أوسع؛ فإنّه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام اللّيل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلّب الأمور) * «٥» .

[من فوائد (الإصلاح)]

(١) الإصلاح بين المؤمنين إذا تنازعوا واجب لا بدّ منه لتستقيم حياة المجتمع ويتّجه نحو العمل المثمر.

(٢) بالإصلاح تحلّ المودّة محلّ القطيعة، والمحبّة محلّ الكراهية، ولذا يستباح الكذب في سبيل تحقيقه.

(٣) الإصلاح بين النّاس يغرس في نفوسهم فضيلة


(١) أعلام الموقعين (١/ ١٠٩- ١١٠)
(٢) المرجع السابق (٢/ ٦٨٥) .
(٣) الجامع لأحكام القرآن الكريم (١٦/ ٢٠٨) .
(٤) تفسير الطبري (٤/ ٢٧٦) .
(٥) حلية الأولياء (٥/ ١١٢) .