للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الشرف)]

١-* (عن عروة بن الزّبير- رضي الله عنهما- أنّ امرأة سرقت في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه. قال عروة:

فلمّا كلّمه أسامة فيها تلوّن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«أتكلّمني في حدّ من حدود الله؟» . قال أسامة:

استغفر لي يا رسول الله. فلمّا كان العشيّ قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله، ثمّ قال: «أمّا بعد فإنّما أهلك النّاس قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ. والّذي نفس محمّد بيده، لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها» . ثمّ أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتلك المرأة فقطعت يدها. فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوّجت. قالت عائشة: فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) * «١» .

٢-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه. قال: انطلقت في المدّة الّتي كانت بيني وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. الحديث وفيه: ثمّ قال لترجمانه: سله. كيف حسبه فيكم؟ قال قلت: هو فينا ذو حسب. قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: ومن يتّبعه؟ أشراف النّاس «٢» أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم ... الحديث، وفيه: قال لترجمانه: قل له. إنّي سألتك عن حسبه، فزعمت أنّه فيكم ذو حسب. وكذلك الرّسل تبعث في أحساب قومها. وسألتك: هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا. فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت: رجل يطلب ملك آبائه. وسألتك عن أتباعه، أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. وهم أتباع الرّسل. وسألتك: هل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا. فقد عرفت أنّه لم يكن ليدع الكذب على النّاس ثمّ يذهب فيكذب على الله. وسألتك: هل يرتدّ أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له؟ فزعمت أن لا. وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب «٣» وسألتك: هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت أنّهم يزيدون. وكذلك الإيمان حتّى يتمّ. وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنّكم قد قاتلتموه. فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا. ينال منكم وتنالون منه. وكذلك الرّسل تبتلى، ثمّ تكون لهم العاقبة. وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أنّه لا يغدر. وكذلك الرّسل لا تغدر.

وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله؟ فزعمت أن لا.

فقلت: لو قال هذا القول أحد قبله، قلت رجل


(١) البخاري- الفتح ٧ (٤٣٠٤) واللفظ له. ومسلم (١٦٨٨) .
(٢) أشراف الناس: يعني بأشرافهم كبارهم، وأهل الأحساب فيهم. وفيه إسقاط همزة الاستفهام.
(٣) بشاشة القلوب: يعني انشراح الصدور. وأصلها اللطف بالإنسان عند قدومه وإظهار السرور برؤيته. يقال بش به وتبشبش