للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم فقالوا يا رسول الله، والله ما دخل علينا فيها في الجاهليّة فكيف يدخل علينا فيها في الإسلام. فقال شأنكم إذا قال فلبس لأمته قال فقالت الأنصار رددنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيه فجاءوا فقالوا يا نبيّ الله، شأنك إذا فقال إنّه ليس لنبيّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتّى يقاتل «١» .

قال الحافظ ابن كثير: قال عامّة أصحابنا: إنّ ذلك كان واجبا عليه، وأنّه يحرم عليه أن ينزعها حتّى يقاتل «٢» .

٤- خائنة الأعين:

خائنة الأعين هي الإيماء إلى مباح من قتل أو ضرب على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال، ولا يحرم ذلك على غيره إلّا في محظور. قاله الرّافعيّ رحمه الله «٣» .

وقال الخطّابيّ- رحمه الله-: «هو أن يضمر في قلبه غير ما يظهره للنّاس فإذا كفّ لسانه وأومأ بعينه إلى ذلك فقد خان وقد كان ظهور تلك الخيانة من قبيل عينه فسمّيت خائنة الأعين «٤» .

فلم يكن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يوميء بطرفه خلاف ما يظهر كلامه.

ومستند هذا قصّة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد أهدر دمه يوم فتح مكّة في جملة من أهدر من الدّماء فاختبأ عند عثمان بن عفّان أخيه من الرّضاعة، فلمّا دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّاس إلى البيعة جاء به عثمان حتّى أوقفه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه، ثلاثا، كلّ ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثمّ أقبل على أصحابه فقال: «أما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك؟ ألا أومأت إلينا بعينك قال: «إنّه لا ينبغي لنبيّ أن تكون له خائنة الأعين» «٥» .

٥- تعلّم الكتابة:

قال الله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ «٦» .


(١) رواه الإمام أحمد (٣/ ٣٥١) . وابن سعد في" الطبقات الكبرى" (٢/ ٤٥) . والدارمي برقم (٢١٦٥) . قال الحافظ ابن حجر: سنده صحيح انظر الفتح (١٣/ ٣٥٣) . ورواه البخاري معلقا انظر الفتح (١٣/ ٣٥١) . وأصل القصة في البخاري- انظر الفتح ١٢ (٧٠٣٥) . ومسلم برقم (٢٢٧٢) .
(٢) انظر الفصول (ص ٣٣٨) .
(٣) انظر الخصائص الكبرى للسيوطي (٢/ ٤١٥) .
(٤) انظر حاشية السندي على سنن النسائي (٧/ ١٠٦) .
(٥) رواه أبو داود برقم (٤٣٥٩) . والنسائي (٧/ ١٠٥، ١٠٦) . والحاكم (٣/ ٤٥) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٤٠) . قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: إسناده صالح. انظر التلخيص (٣/ ١٣٠) .
(٦) سورة العنكبوت: آية (٤٨) .