للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: هو ترك المأمورات، وفعل المحظورات، أو ترك ما أوجب وفرض من كتابه أو على لسان رسوله، وارتكاب ما نهى الله عنه أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم من الأقوال والأعمال الظّاهرة أو الباطنة «١» .

[الفرق بين العصيان والابتداع:]

قال الكفويّ: العاصي: من يفعل محظورا لا يرجو الثّواب بفعله، والمبتدع: من يفعل محظورا يرجو الثّواب بفعله في الآخرة. قال: والعاصي والفاسق في الشّرع سواء «٢» .

[أقسام العصاة:]

يؤخذ ممّا ذكره الماورديّ عن أحوال النّاس في فعل الطّاعات واجتناب المعاصي أنّ العصاة على قسمين:

الأوّل: من يرتكب المعاصي ويمتنع عن الطّاعات، وهذه أخبث أحوال المكلّفين وشرّ صفات المتعبّدين.

الثّاني: من يرتكب المعاصي ويفعل الطّاعات، وهذا يستحقّ عذاب المجترئ؛ لأنّه تورّط بغلبة الشّهوة على الإقدام على المعصية، وإن سلم من التّقصير في فعل الطّاعة «٣» .

[حكم العصيان:]

يختلف حكم المعصية بحسب نوع هذه المعصية إن كبيرة وإن صغيرة، ولكنّ إدمان صغيرة أو صغائر بحيث تغلب المعاصي على الطّاعات؛ فإنّ ذلك يجعل هذه الصّغيرة أو تلك الصّغائر في حكم الكبيرة. يقول الإمام ابن حجر: وكون هذا كبيرة أي مثلها في سقوط العدالة، ونقل عن الرّافعيّ قوله: من ارتكب كبيرة فسق، وردّت شهادته، وأمّا الصّغائر فلا يشترط تجنّبها بالكلّيّة لكنّ الشّرط ألّا يصرّ عليها فإن أصرّ كان الإصرار كارتكاب الكبيرة «٤» .

[أصول الذنوب:]

قال الغزاليّ- رحمه الله-: اعلم أنّ للإنسان أخلاقا وأوصافا كثيرة، لكن تنحصر مسارات الذنوب في أربع صفات:

أحدها: صفات ربوبيّة، ومنها يحدث الكبر والفخر وحبّ المدح والثّناء، والعزّ وطلب الاستعلاء، ونحو ذلك. وهذه ذنوب مهلكات، وبعض النّاس يغفل عنها، فلا يعدّها ذنوبا.

الثّانية: صفات شيطانيّة، ومنها يتشعّب الحسد والبغي والحيل والخداع والمكر، والغشّ والنّفاق والأمر بالفساد ونحو ذلك.

الثّالثة: الصّفات البهيميّة، ومنها يتشعّب الشّرّ والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، فيتشعّب من ذلك الزّنى واللّواطة والسّرقة، وأخذ الحطام لأجل الشّهوات.

الرّابعة: الصّفات السّبعيّة، ومنها يتشعّب الغضب والحقد، والتهجّم على النّاس بالقتل والضّرب، وأخذ الأموال، وهذه الصّفات لها تدرّج


(١) انظر: آثار المعاصي على الفرد والمجتمع (٣٠) .
(٢) الكليات (٤١) .
(٣) انظر أدب الدنيا والدين (١٠٣- ١٠٤) باختصار وتصرف.
(٤) الزواجر (٦٦٨) .