للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[واصطلاحا:]

هو بطر الحقّ وغمط النّاس.

وقال الغزاليّ:- رحمه الله- هو استعظام النّفس، ورؤية قدرها فوق قدر الغير.

وقال أيضا- رحمه الله-: الكبر حالة يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه وأن يرى نفسه أكبر من غيره «١» .

وقال التّهانويّ: جهل الإنسان بنفسه وإنزالها فوق منزلتها. أمّا المكابرة، فهي المنازعة لا لإظهار الصّواب ولا لإلزام الخصم «٢» .

وقال الجاحظ: الكبر هو استعظام الإنسان نفسه، واستحسان ما فيه من الفضائل، والاستهانة بالنّاس واستصغارهم والتّرفّع على من يجب التّواضع له «٣» .

وقال الكفويّ: التّكبّر: هو أن يرى المرء نفسه أكبر من غيره، والاستكبار طلب ذلك التّشبّع وهو التّزيّن بأكثر ممّا عنده «٤» .

[الكبر مفتاح الشقاء:]

قال الغزاليّ- رحمه الله- مفتاح السّعادة التّيقّظ والفطنة، ومنبع الشّقاوة الكبر والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصّدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة، فالأكياس هم الّذين أراد الله أن يهديهم فشرح صدورهم للإسلام والهدى، والمتكبّرون هم الّذين أراد الله أن يضلّهم فجعل صدرهم ضيّقا حرجا كأنّما يصّعّد في السّماء. فالمتكبّر هو الّذي لم تنفتح بصيرته ليكون بهداية نفسه كفيلا، وبقي في العمى فاتّخذ الهوى قائدا والشّيطان دليلا.

فالكبر آفة عظيمة هائلة، وفيه يهلك الخواصّ من الخلق، وقلّما ينفكّ عنه العبّاد والزّهّاد والعلماء فضلا عن عوامّ الخلق، وكيف لا تعظم آفته وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر» وإنّما صار حجابا دون الجنّة لأنّه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلّها، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنّة، والكبر يغلق تلك الأبواب كلّها، لأنّه لا يقدر على أن يحبّ للمؤمنين ما يحبّ لنفسه وفيه شيء من الكبر. فما من خلق ذميم إلّا وصاحب الكبر مضطرّ إليه ليحفظ كبره، وما من خلق محمود إلّا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزّه. فمن هذا لم يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة منه. والأخلاق الذّميمة متلازمة، والبعض منها داع إلى البعض لا محالة. وشرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحقّ والانقياد له «٥» .

[أسباب الكبر:]

أسباب الكبر ثلاثة: سبب فى المتكبّر، وسبب


(١) إحياء علوم الدين للغزالى (٣/ ٣٤٥) .
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون (٣/ ١٢٤٧) .
(٣) تهذيب الأخلاق (٣٢) .
(٤) الكليات للكفوى (٢٨) .
(٥) إحياء علوم الدين (٣/ ٣٤٥) .