للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسائر الأسماء لا يدلّ آحادها إلّا على آحاد المعاني، من علم وقدرة أو فعل أو غير ذلك، وهو أخصّ أسمائه تعالى، إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا، وسائر الأسماء قد يسمّى بها غيره، ولهذين الوجهين يشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء «١» .

وقال السّفارينيّ: وهو (أي لفظ الجلالة) الاسم الأعظم عند أكثر أهل العلم، وعدم الإجابة لأكثر النّاس مع الدّعاء به لتخلّف بعض شروطه الّتي من أهمّها الإخلاص وأكل الحلال، وقد قدّم على الرّحمن الرّحيم (في البسملة) لأنّه اسم ذات في الأصل، وهما اسما صفة في الأصل والذّات متقدّمة على الصّفة «٢» .

وقال مؤلّفو المعجم الكبير: الله: علم على الإله المعبود بحقّ، الجامع لكلّ صفات الكمال، وتفرّد سبحانه بهذا الاسم فلا يشركه فيه غيره «٣» .

معرفة الله عزّ وجلّ اصطلاحا:

قال الكفويّ: المعرفة في اصطلاحهم: هي معرفة الله عزّ وجلّ بلا كيف ولا تشبيه «٤» .

وقال بعضهم: معرفة الله عزّ وجلّ هي ثمرة التّوحيد، والمراد بها: معرفته عزّ وجلّ بصفاته الواجبة له مع تننزيهه عمّا يستحيل اتّصافه به، معرفة صحيحة ناشئة عن الأدلّة اليقينيّة «٥» .

حكم معرفة الله عزّ وجلّ:

قال الكفويّ: معرفة الله عزّ وجلّ بالدّليل الإجماليّ فرض عين لا مخرج عنه لأحد من المكلّفين، وهي بالتّفصيل فرض كفاية لا بدّ أن يقوم به البعض «٦» .

[تفاضل الناس في المعرفة:]

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: أصل التّفاضل بين النّاس إنّما هو بمعرفة الله ومحبّته. وإذا كانوا يتفاضلون فيما يعرفونه من المعروفات، وإذا كانوا يتفاضلون في معرفة الملائكة وصفاتهم والتّصديق بهم، فتفاضلون في معرفة الله وصفاته والتّصديق به أعظم، وكذلك إن كانوا يتفاضلون في معرفة روح الإنسان وصفاتها، والتّصديق بها، أو في معرفة الجنّ وصفاتهم وفي التّصديق بهم، أو في معرفة ما في الآخرة من النّعيم والعذاب، فتفاضلهم في معرفة الله وصفاته (أعظم) ، بل إن كانوا متفاضلين في معرفة أبدانهم وصفاتها، وصحّتها ومرضها، وما يتبع ذلك فتفاضلهم في معرفة الله تعالى أعظم وأعظم، إنّ كلّ ما يعلم ويقال يدخل في معرفة الله تعالى، إذلا موجود إلّا وهو خلقه وكلّ ما في المخلوقات من الصّفات والأسماء والأقدار والأفعال شواهد ودلائل على ما لله سبحانه من الأسماء الحسنى والصّفات العلى، وكلّ


(١) المقصد الأسنى ص ٦٠
(٢) غذاء الألباب، شرح منظومة الآداب ١/ ١٠
(٣) المعجم الكبير، تأليف لجنة من أعضاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة (انظر قائمة المراجع) .
(٤) الكليات ص ٨٢٥
(٥) انظر توضيح العقيدة المفيدة في علم التوحيد ص ٧
(٦) الكليات ص ٨٢٥، والمراد بالمعرفة التفصيلية معرفة ما جاء به القرآن الكريم والسّنّة المطهرة عن الله- عزّ وجلّ- وأسمائه وصفاته، لا ما ادخره الله في علم الغيب عنده.