للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الطموح]

الطّموح لغة:

مصدر قولهم: طمح يطمح، وهو مأخوذ من مادّة (ط م ح) الّتي تدلّ على علوّ في الشّيء، يقال طمح ببصره إلى الشّيء: علا، وكلّ مرتفع مفرط في تكبّر طامح، ويقال في المصدر أيضا طماح مثل جماح، يقال: فرس فيه طماح، وطمحت المرأة مثل جمحت، فهي طامح أي تطمح إلى الرّجال، وفي حديث قيلة:

كنت إذا رأيت رجلا ذا قشر طمح بصري إليه، أي امتدّ وعلا، ومنه أيضا الحديث الآخر: فخرّ إلى الأرض فطمحت عيناه إلى السّماء، ويقال أطمح فلان بصره أي رفعه، قال الجوهريّ: وقال بعضهم طمح، أي أبعد في الطّلب ورجل طمّاح: بعيد الطّرف، والطّماح أيضا: الكبر والفخر لارتفاع صاحبه «١» .

الطّموح اصطلاحا:

لم تذكر كتب الاصطلاحات الّتي وقفنا عليها تعريفا للطّموح ويمكن أن نستخلص ذلك من جملة ما ذكره اللّغويّون وشرّاح الحديث، فنقول: الطّموح: هو أن

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

-/ ٢/ ١٣

ينزع الإنسان إلى معالي الأمور ويعمل على تغيير حاله إلى ما هو أسمى وأنفع، وكلّما نال مرتبة نظر إلى ما فوقها، ولا يكون ذلك محمودا إلّا إذا وافق الشّرع الحنيف.

الطّموح في طلب العلم:

قال الشّيخ الخضر حسين- رحمه الله-: «وممّا جبل عليه الحرّ الكريم، أن لا يقنع من شرف الدّنيا والآخرة بشيء ممّا انبسط له، أملا فيما هو أسنى منه درجة وأرفع منزلة «٢» . وفي

هذا المعنى يقول الشّاعر:

والحرّ لا يكتفي من نيل مكرمة ... حتّى يروم «٣» الّتي من دونها العطب «٤»

يسعى به أمل من دونه أجل ... إن كفّه رهب يستدعه رغب

لذاك ما سال موسى ربّه أرني ... أنظر إليك وفي تساله عجب

يبغي التّزيّد فيما نال من كرم ... وهو النّجيّ لديه الوحي والكتب «٥»

إنّ معالي الأمور وعرة المسالك محفوفة بالمكاره،


(١) مقاييس اللغة لابن فارس (٣/ ٤٢٣) ، والصحاح للجوهري (١/ ٣٨٨) ، والنهاية لابن الأثير (٣/ ١٢٩) ، ولسان العرب لابن منظور (٢/ ٥٣٤) (ط. بيروت) .
(٢) انظر رسائل الإصلاح للخضر حسين (ص ٥٤) .
(٣) يروم: يطلب.
(٤) العطب: الهلاك.
(٥) انظر تهذيب الأخلاق للجاحظ (ص ٢٨) .