اسم لما يتصدّق به وهو مأخوذ من مادّة (ص د ق) الّتي تدلّ على قوّة في الشّيء قولا أو غيره، ومن ذلك أخذ الصّدق لقوّته في نفسه، ومن الصّدق أخذت الصّدقة، لأنّها تدلّ على صدق العبوديّة لله- تعالى- والصّدقة ما تصدّقت به على الفقراء (أو المساكين) ، والمتصدّق هو الّذي يعطي الصّدقة، ولا يقال ذلك للّذي يسأل الصدقة ليأخذها، والعامّة تغلط في ذلك، وقال بعض أهل اللّغة: إنّ المتصدّق يقال للاثنين جميعا أي الّذي يعطي الصّدقة والّذي يسألها، والمصدّق يقال به على معنيين: الّذي يصدّقك في حديثك، والّذي يأخذ صدقات الغنم (ونحوها) ، وقول الله- تعالى-: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ (الحديد/ ١٨) بتشديد الصّاد أصله المتصدّقين فقلبت التّاء صادا وأدغمت في الصّاد، والصّدقة ما أعطيته في ذات الله للفقراء، يقال
تصدّق عليه (أعطاه الصّدقة) ، وفي الحديث لمّا قرأ القارأ قوله تعالى وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ (الحشر/ ١٨) .
قال صلّى الله عليه وسلّم:«تصدّق رجل من ديناره، ومن درهمه، ومن ثوبه» ، أي ليتصدّق، لفظه الخبر، ومعناه الأمر كقولهم:
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
١٣/ ٣١/ ٧
أنجز حرّ ما وعد، أي لينجز. ويقال صدّق عليه في معنى تصدّق كما في قوله- عزّ وجلّ- فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (القيامة/ ٣١) ، وفي حديث الزّكاة لا تؤخذ في الصّدقة هرمة ولا تيس إلّا أن يشاء المصدّق.
رويت بفتح الصّاد مخفّفة وبفتح الدّال وكسرها، فعلى رواية فتح الدّال- وهي لأبي عبيد- صاحب الماشية وعلى رواية الكسر- وهي للجمهور- عامل الزّكاة، وقال أبو موسى (المدينيّ) : الرّواية بتشديد الصّاد مفتوحة، وتشديد الدّال مكسورة وهو صاحب المال وأصله المتصدّق، والصّدقة في هذا الحديث هي المفروضة أو الواجبة، قال الرّاغب: وقد يسمّى الواجب صدقة إذا تحرّى صاحبها الصّدق في فعله، قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ (التوبة/ ٦٠) ، ويقال أيضا لما يتجافى عنه الإنسان من حقّه: تصدّق به، وذلك قوله عزّ وجلّ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ (المائدة/ ٤٥) ، وقوله- عزّ من قائل- وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ (البقرة/ ٢٨٠) . أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصّدقة، وعلى هذا ما ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«ما تأكله العافية «١» فهو صدقة» ، وقول الله
(١) العافية والعافي كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر. وجمعها العوافي، انظر النهاية (٣/ ٢٦٦) .