للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الغرور]

[الغرور لغة:]

مصدر قولهم: غرّه يغرّه، وهو مأخوذ من مادّة (غ ر ر) ، الّتي تدلّ على النّقصان، والمراد نقصان الفطنة، ولهذه المادّة دلالتان أخريان هما: المثال الّذي يطبع عليه السّهام (حتّى تصير على نسق واحد) ومن ذلك: ولدت فلانة أولادها على غرار واحد (أي متشابهين) ، والآخر: العتق والبياض والكرم، ومن ذلك الغرّة، إذ غرّة كلّ شيء أكرمه، والغرّة البياض، ويقال لثلاث ليال من الشّهر: غرّة «١» ، قال ابن فارس، وممّا يقارب هذا (الأصل) الغرارة، وذلك أنّها من كرم الخلق، قد تكون في كلّ كريم، فأمّا (الغرور) المذموم فهو من الأصل الأوّل (أي النّقصان) لأنّه من نقصان الفطنة «٢» ، وذهب الرّاغب إلى أنّ الغرور مأخوذ من «غرّ الثّوب» وهو أثر كسره، يقال: اطو الثّوب على غرّه، قال: وغرّه كذا غرورا كأنّما طواه على غرّه، قال تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (الانفطار/ ٦) المراد: ما خدعك وسوّل لك؟، وقيل: كيف اجترأت عليه ولم تخفه فأضعت ما

وجب عليك، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد الّذي يأمن مكر الله تعالى «٣» وقال الفيروزآباديّ: الغرّة: الغفلة، وغررته: أصبت غفلته ونلت منه ما أريد، والشّيطان أقوى الغارّين وأخبثهم «٤» ، وقال الجوهريّ: الغرور (يستعمل جمعا) مفرده «غرّ» ، ومن ذلك الغرور:

مكاسر الجلد، قال أبو النّجم:

حتّى إذا طار من خبيرها ... عن جدد صفر وعن غرورها

قال: وغرّ الثّوب كسره الأوّل، قال الأصمعيّ:

حدّثني رجل عن رؤبة أنّه عرض عليه ثوب، فنظر إليه وقلّبه ثمّ قال: اطوه على غرّه؛ واغتررت يا رجل:

غفلت، واغترّه أي أتاه على غرّة (أي غفلة) منه، واغترّ بالشّيء خدع به، وقال ابن السّكّيت: الغرور (بالفتح) : الشّيطان، والغرور: ما يتغرغر به من الأدوية والغرور (بالضّمّ) ما اغترّ به من متاع الدّنيا، والغرار: النوم القليل، والغرار: نقصان لبن النّاقة، وفي الحديث: «لا غرار في الصّلاة» وهو ألّا يتمّ ركوعها وسجودها، والغرار (أيضا) : الطّريقة، وقولهم: غرّة


(١) انظر في المعاني الثلاثة التي تدل عليها المادة وهي: المثال، والنقصان، والكرم أو العتق والبياض، مقاييس اللغة لابن فارس (٤/ ٣٨٠- ٣٨٢) .
(٢) المرجع السابق، (٤/ ٣٨٢) .
(٣) تفسير القرطبي ١٩/ ١٦١، ولسان العرب (غرر) ص ٣٢٣٢ (ط: دار المعارف) بتصرف.
(٤) بصائر ذوي التمييز (٤/ ١٢٩) .