للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثابت إلى بني فزارة» «١» ، وسريّة عبد الله بن رواحة إلى اليسير بن رزّام اليهودي «٢» ، وسريّة عمرو بن أمية الضّمري لقتل أبي سفيان «٣» . ولم يرد عن هذه السرايا مرويات في الصحيحين، والتناقض والتضارب كبير في مرويات كتب المغازي والسير بشأنها.

سريّة كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين:

قدم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم جماعة من قبيلتي عكل والعرينة في شوال سنة ٦ هـ، وتكلموا بالإسلام، فقالوا يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بذود وراع.. فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرّة كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا الراعي واستاقوا الذود، فبلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم الخبر فبعث الطلب تحت إمرة كرز بن جابر الفهري في آثارهم فقبضوا عليهم، فأمر بهم فسمروا ... وقطعت أيديهم وأرجلهم وتركوا في ناحية الحرّة حتى ماتوا «٤» . وقال الجمهور نزل فيهم قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ «٥» .

سريّة الخبط (سيف البحر) :

بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا عبيدة عامر بن الجرّاح في ثلاثمائة راكب نحو ساحل البحر الأحمر ليرصدوا عيرا لقريش، فنفدت أزوادهم، وأصابهم الجوع حتى أكلوا الخبط، ثم نحروا من إبلهم فنهاهم أبو عبيدة لحاجتهم إليها إذا لقوا عدوهم، وألقى إليهم البحر بحوت عظيم أكلوا منه نصف شهر وحملوا بعضا منه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأكل منه «٦» . ولم يلق المسلمون كيدا، وعادوا إلى المدينة سالمين. وقد وردت مرويات أخرى في المغازي وكتب السير تفيد بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان أرسلهم إلى حي من أحياء قبيلة جهينة «٧» . وقال ابن حجر بأن ذلك لا يغاير ظاهره ما في الصحيح لأنه


(١) ابن سعد- الطبقات ٢/ ٨٩ معلّقا، وانظر: الواقدي- المغازي ٢/ ٥٦٤، الطبري- تاريخ ٢/ ٦٤٣ وأورد ذلك الإمام مسلم في الصحيح ٣/ ١٣٧٥- ٧٦ (حديث ١٧٥٥) ، الإمام أحمد (عنه ابن كثير في البداية ٤/ ٢٦٤) ، والبيهقي- دلائل النبوة ٤/ ٢٩٠، ورواية ثانية في الطبري- تاريخ ٢/ ٦٤٣- ٦٤٤ رواية مغايرة يرد فيها أن أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- كان أميرا لسرية إلى بني فزارة علما بأن رواية أهل المغازي مضطربة من ناحية المتن ومناقضة لأوامر النبي صلّى الله عليه وسلّم بشأن الأسرى.
(٢) رواه ابن إسحاق وابن سعد معلّقا ٢/ ٩٢، والبيهقي- دلائل النبوة ٤/ ٢٩٣- ٤، وأبو نعيم- الدلائل ٢/ ٥١٦- ٥١٧، وابن كثير في البداية ٤/ ٢٧٤ ويلاحظ في المرويات تناقض كبير في اسم أمير السرية وفي اسم اليهودي المذكور.
(٣) ابن سعد- الطبقات ٢/ ٩٣- ٩٤ معلّقا، والبيهقي في السنن بإسناد فيه الواقدي والطبري- تاريخ ٢/ ٥٤٢ بإسناد فيه ابن إسحاق، وفيه مجهول لم يترجم له أحد، وهو جعفر بن الفضل.
(٤) البخاري- الصحيح (الفتح- الأحاديث ٤١٩٢، ٥٦٨٥، ٥٦٨٦، ٦٨٠٥) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٢٩٦- ٨ (حديث ١٦٧١) ، كما أورد خبرها الجماعة وأهل المغازي والسير، وانظر الطبري- التفسير ١٠/ ٢٤٤- ٢٥٣.
(٥) القرآن الكريم- سورة المائدة، الآية/ ٣٣، وانظر: الطبري- تفسير ١٠/ ٢٤٢- ٤٤، الشامي- سبل الهدى والرشاد ٦/ ١٨١- ١٩٠.
(٦) أورده الإمام البخاري في صحيحه من طرق متعددة (الأحاديث ٤٣٦٠- ٤٣٦٢) ، وكذلك فعل الإمام مسلم ٣/ ١٥٣٥- ١٥٣٧ (حديث ١٩٣٥) ، ابن القيم- زاد ٢/ ١٥٨.
(٧) الواقدي- مغازي ٢/ ٧٧٤.