للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله- عزّ وجلّ-: يؤذيني ابن آدم «١» يسبّ الدّهر، وأنا الدّهر «٢» بيدي الأمر، أقلّب اللّيل والنّهار) * «٣» .

الأحاديث الواردة في ذمّ (الأذى) معنى

٢٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب. وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه. وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» ) * «٤» .

٣٠-* (عن المسور بن مخرمة- رضي الله عنه- قال: إنّ عليّا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يزعم قومك أنّك لا تغضب لبناتك، وهذا عليّ ناكح بنت أبي جهل. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسمعته حين تشهّد يقول: «أمّا بعد أنكحت أبا العاص بن الرّبيع فحدثّني وصدقني، وإنّ فاطمة بضعة منّي، وإنّي أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبنت عدوّ الله عند رجل واحد» فترك عليّ الخطبة.

وزاد محمّد بن عمرو بن حلحلة، عن ابن


(١) قوله (يؤذيني ابن آدم) : كذا أورده مختصرا، وقد أخرجه الطبري بهذا الإسناد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، هو الذي يميتنا ويحيينا، فقال الله في كتابه وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا الآية، قال: فيسبون الدهر، قال الله- تبارك وتعالى-: يؤذيني ابن آدم. فذكره. قال القرطبي: معناه يخاطبني من القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي، والله منزه عن أن يصل إليه الأذى، وإنما هذا من التوسع في الكلام. والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله.
(٢) قوله (وأنا الدهر) : معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور. وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر وقوله «أنا الدهر» بالرفع في ضبط الأكثرين والمحققين، ويقال بالنصب على الظرف أي أنا باق أبدا، والموافق لقوله «إن الله هو الدهر» بالرفع، وذلك أن العرب كانوا يسبون الدهر عند الحوادث فقال: لا تسبوه فإن فاعلها هو الله، فكأنه قال: لا تسبوا الفاعل فإنكم إذا سببتموه سببتموني. أو الدهر هنا بمعنى الداهر، فقد حكى الراغب أن الدهر في قوله: إن الله هو الدهر «غير الدهر في قوله: يسب الدهر» قال: والدهر الأول الزمان، والثاني المدبر المصرف لما يحدث، ثم استضعف هذا القول لعدم الدليل عليه. ثم قال: «لو كان كذلك لعد الدهر من أسماء الله تعالى» قال ابن الجوزي: يصوب ضم الراء من أوجه: أحدها أن المضبوط عند المحدثين بالضم، ثانيها لو كان بالنصب يصير التقدير فأنا الدهر أقلبه، فلا تكون علة النهي عن سبه مذكوره لأنه تعالى يقلب الخير والشر فلا يستلزم ذلك منع الذم، ثالثها الرواية التي فيها «فإنّ الله هو الدهر ومما ينبغى ذكره الآن أن الناس قد درجوا على سب الزمان والأيام ووصفها بالقبيح عند الضجر وهذا أيضا مما نهى الله عنه لدخوله في سب الدهر» .
(٣) البخاري- الفتح ١٣ (٧٤٩١) واللفظ له ومسلم (٢٢٤٦) .
(٤) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٠٢) .