(٢) قوله (وأنا الدهر) : معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور. وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر وقوله «أنا الدهر» بالرفع في ضبط الأكثرين والمحققين، ويقال بالنصب على الظرف أي أنا باق أبدا، والموافق لقوله «إن الله هو الدهر» بالرفع، وذلك أن العرب كانوا يسبون الدهر عند الحوادث فقال: لا تسبوه فإن فاعلها هو الله، فكأنه قال: لا تسبوا الفاعل فإنكم إذا سببتموه سببتموني. أو الدهر هنا بمعنى الداهر، فقد حكى الراغب أن الدهر في قوله: إن الله هو الدهر «غير الدهر في قوله: يسب الدهر» قال: والدهر الأول الزمان، والثاني المدبر المصرف لما يحدث، ثم استضعف هذا القول لعدم الدليل عليه. ثم قال: «لو كان كذلك لعد الدهر من أسماء الله تعالى» قال ابن الجوزي: يصوب ضم الراء من أوجه: أحدها أن المضبوط عند المحدثين بالضم، ثانيها لو كان بالنصب يصير التقدير فأنا الدهر أقلبه، فلا تكون علة النهي عن سبه مذكوره لأنه تعالى يقلب الخير والشر فلا يستلزم ذلك منع الذم، ثالثها الرواية التي فيها «فإنّ الله هو الدهر ومما ينبغى ذكره الآن أن الناس قد درجوا على سب الزمان والأيام ووصفها بالقبيح عند الضجر وهذا أيضا مما نهى الله عنه لدخوله في سب الدهر» . (٣) البخاري- الفتح ١٣ (٧٤٩١) واللفظ له ومسلم (٢٢٤٦) . (٤) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٠٢) .