للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على القبر. فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم من أحد لم يقارف اللّيلة؟ فقال أبو طلحة: أنا. قال:

«فانزل في قبرها» . فنزل في قبرها فقبرها. قال ابن مبارك قال فليح: أراه يعني الذّنب. قال أبو عبد الله:

(ليقترفوا) أي ليكتسبوا) * «١» .

١٥-* (وعن أبي هريرة رضي الله عنه- قال: «لمّا نزلت أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ. بكى أصحاب الصّفّة حتّى جرت دموعهم على خدودهم فلمّا سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكى معهم فبكينا ببكائه؛ فقال صلّى الله عليه وسلّم لا يلج النّار من بكى من خشية الله، ولا يدخل الجنّة مصرّ على معصية، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم» ) * «٢» .

١٦-* (عن هاني مولى عثمان- رضي الله عنه- قال: كان عثمان، إذا وقف على قبر يبكي حتّى يبلّ لحيته. فقيل له: تذكر الجنّة والنّار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ القبر أوّل منزل من منازل الاخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه. وإن لم ينج منه فما بعده أشدّ منه» قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما رأيت منظرا قطّ إلّا والقبر أفظع منه» ) * «٣» .

[من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (البكاء)]

١-* (عن عرفجة قال: قال أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه-: من استطاع منكم أن يبكي فليبك ومن لم يستطع فليتباك «٤» ) * «٥» .

٢-* (قرأ ابن عمر- رضي الله عنهما- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فلمّا بلغ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (المطففين/ ١- ٦) بكى حتّى خرّ وامتنع من قراءة ما بعده) * «٦» .

٣-* (خرج عمر يوما إلى السّوق ومعه الجارود «٧» ، فإذا امرأة عجوز فسلّم عليها عمر، فردّت عليه، وقالت: هيه يا عمير، عهدتك وأنت تسمّى عميرا في سوق عكاظ تصارع الصّبيان فلم تذهب الأيام حتّى سمعت عمر، ثمّ قليل سمعت أمير المؤمنين. فاتّق الله في الرّعيّة، واعلم أنّه من خاف الموت خشي الفوت. فبكى عمر، فقال الجارود: لقد


(١) البخاري- الفتح ٣ (١٣٤٢) .
(٢) شعب الإيمان- البيهقي (تحقيق أبى هاجر محمد السعيد ابن بسيوني (١/ ٤٨٩) حديث رقم (٧٩٨) ، والدر المنثور السيوطي (٦/ ٥١٣١) ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبيي (١٧/ ٨٠) .
(٣) الترمذي (٢٣٠٨) ، ابن ماجة (٢/ ٤٢٦٧) ، البغوي في شرح السنة (٥/ ٤١٨) ، وقال محققه: سنده حسن. وحسّنه أيضا محقق «جامع الأصول» (١١/ ١٦٥) .
(٤) يتباكى: يتكلف البكاء ويتصنعه.
(٥) الزهد لابن المبارك (٤٢) .
(٦) الزهد للإمام وكيع بن الجراح (١/ ٢٥٣) .
(٧) الجارود: رجل من الصحابة واسمه بشر بن عمرو من عبد القيس وسمي الجارود؛ لأنه فر بإبله إلى أخواله من بني شيبان وبإبله داء ففشا ذلك الداء في إبل أخواله فأهلكها.