التّوبة مصدر قولك: تاب يتوب وهو مأخوذ من مادّة (ت وب) الّتي تدلّ على الرّجوع، يقال:
تاب من ذنبه، أي رجع عنه توبة ومتابا، والوصف منه تائب، والتّوب: ترك الذّنب على أجمل الوجوه وهو أبلغ وجوه الاعتذار؛ فإنّ الاعتذار على ثلاثة أوجه:
إمّا أن يقول المعتذر: لم أفعل، أو يقول فعلت لأجل كذا، أو يقول: فعلت وأسأت وقد أقلعت، ولا رابع لذلك وهذا الأخير هو التّوبة، يقال: تاب إلى الله أي تذكّر ما يقتضي الإنابة، نحو قوله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً (النور/ ٣١) أي عودوا إلى طاعته وأنيبوا إليه.. ويقال: تاب الله عليه أي قبل منه التّوبة، والتّائب يقال لباذل التّوبة ولقابل التّوبة فالعبد تائب إلى الله. والله تائب على عبده، والتّوّاب العبد الكثير التّوبة، وذلك بتركه كلّ وقت بعض الذّنوب على التّرتيب حتّى يصير تاركا لجميعه، وقد يقال لله عزّ وجلّ ذلك (أي توّاب) وذلك لكثرة قبوله توبة العباد حالا بعد حال، والمتاب في قوله تعالى وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (الفرقان/ ٧١) يقصد به التّوبة التّامّة وهي الجمع بين ترك القبيح وتحرّي الجميل.
وجاء في الصّحاح: التّوبة الرّجوع من الذّنب، وفي الحديث:«النّدم توبة» وكذلك التّوب مثله، خلافا للأخفش الّذي ذهب إلى أنّ التّوب جمع توبة مثل عوم وعومة، ويقال تاب إلى الله توبة ومتابا، وقد تاب الله عليه، وفّقه للتّوبة وعاد عليه بالمغفرة. واستتبت فلانا عرضت عليه التّوبة أو سألته أن يتوب، والتّابة في قول الشّاعر:
تبت إليك فتقبّل تابتي.
يراد بها التّوبة، أبدلت الواو ألفا لضرب من الخفّة «١» .
[التوبة في الاصطلاح:]
قال الرّاغب: التّوبة في الشّرع: ترك الذّنب لقبحه والنّدم على ما فرط منه والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة.
وقال الجرجانيّ: التّوبة هي الرّجوع إلى الله بحلّ عقدة الإصرار عن القلب، ثمّ القيام بكلّ حقوق
(١) انظر مقاييس اللغة (١/ ٣٥٧) ، ومفردات الراغب (٧٥) والصحاح (١/ ٩٢) ، ولسان العرب (١/ ٤٥٤) .