للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الليل/ ١٩) أي في بلال عند أبي بكر حين اشتراه وأعتقه من نعمة تجزى.

والرّابع: بمعنى الواحد ومنه قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (الإخلاص/ ١) «١» .

[الواحد والأحد من أسماء الله تعالى وصفاته:]

قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى «الواحد» وهو الفرد الّذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر، وقيل الواحد هو الّذي لا يتجزّأ ولا يثنّى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل «٢» ، وقال الأزهريّ: الواحد من صفات الله تعالى معناه أنّه لا ثاني له، ويجوز أن ينعت الشّيء بأنّه واحد، فأمّا أحد فلا ينعت به غير الله تعالى لخلوص هذا الاسم الشّريف له جلّ ثناؤه تقول:

وحّدت الله وأحّدته، وهو الواحد الأحد، وروي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ رجلا ذكر الله وأومأ بإصبعيه، فقال له أحّد أحّد أي أشر بإصبع واحدة، وأمّا قول النّاس:

توحّد الله بالأمر وتفرّد فإنّه وإن كان صحيحا فإنّي لا أحبّ أن ألفظ به في صفة الله تعالى إذ لا يوصف عزّ وجلّ إلّا بما وصف به نفسه في التّنزيل أو في السّنّة، ولم أجد المتوحّد في صفاته ولا المتفرّد، وإنّما ننتهي في صفاته إلى ما وصف به نفسه ولا نجاوزه إلى غيره لمجازه في العربيّة «٣» .

وقال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: ليس في الموجودات ما يسمّى أحدا في الإثبات مفردا غير مضاف إلّا الله تعالى، بخلاف النّفي وما في معناه:

كالشّرط والاستفهام، فإنّه يقال: هل عندك أحد، وإن جاءني أحد من جهتك أكرمته»

. وذلك أنّه سبحانه هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله «٥» .

[الفرق بين الواحد والأحد:]

قال أبو منصور الأزهريّ وغيره: الفرق بينهما أنّ الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جاءني أحد، والواحد اسم بني لمفتتح العدد تقول:

جاءنى واحد من النّاس، ولا تقول جاءني أحد، فالواحد منفرد بالذّات في عدم المثل والنّظير، والأحد منفرد بالمعنى؛ وقيل: الواحد هو الّذي لا يتجزّأ ولا يثنّى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إلّا الله عزّ وجلّ «٦» ، وأمّا اسم الله عزّ وجلّ «أحد» فإنّه لا يوصف شيء بالأحديّة غيره لا يقال رجل أحد، ولا درهم أحد كما يقال رجل وحد أي فرد، لأنّ أحدا صفة من صفات الرّبّ عزّ وجلّ الّتي استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء، وليس ذلك كقولك: الله واحد، وهذا شيء واحد» «٧» .

وقال أبو هلال العسكريّ: الفرق بين واحد


(١) نزهة الأعين النواظر (١١٥- ١١٦) .
(٢) النهاية (٥/ ١٥٩) .
(٣) لسان العرب «وحد» (٤٧٨١- ٤٧٨٢) ط. دار المعارف، والنهاية لابن الأثير ٥/ ١٩٥.
(٤) الفتاوى ١٧/ ٢٣٥.
(٥) تفسير ابن كثير ٤/ ٦٠٩.
(٦) لسان العرب «وحد» (٤٧٨٢) ط. دار المعارف.
(٧) لسان العرب «وحد» (٤٧٨١) ط. دار المعارف.