للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- إبراز القيم المسيطرة ذات اليقين العالي عند الفرد.

- وهنا يأتي التجريد للأحكام الخلقية المعلنة، ويكون التعبير عنها في صورة رمز أو عمل، ومن خلال عملية التجريد هذه يقوم الفرد بتحديد الأشياء العامة المعتمدة على التحليل والمفاضلة، حتى يصل إلى تنظيم معين لقيمه، مكونا أحكامه- بناءا على الخطوات السابقة- على الأشياء والعلاقات حوله. وهنا لا بد أن يتصف المرء بالمرونة الأخلاقية، التي تعني القدرة على صياغة قواعد أخلاقية مرنة. وحيث تفيده في التعرف على المبدأ الأخلاقي الكامن وراء التعليمات والقوانين وهذا من الأمور المهمة.

٦- التميز الخلقي والفعالية الأخلاقية:

وهذه مرحلة أخيرة حيث يصبح الفرد متميزا، ويصل إلى التصرف السلوكي الذاتي طبقا للقيم التي تمثلها والتي أصبحت تسيطر على أفعاله وتصرفاته وتراقبها، فهي تقوم بدور المراقب على قدر كبير من سلوك وتصرفات الإنسان، إذ يمكن وصفه وتقديره عن طريق هذه القيم الأخلاقية.

وهنا يكون طابعه تطبيق المباديء الخلقية التي آمن بها في مواقف وسلوكيات حياته بفعالية وإيجابية وإقبال، حيث يكون الفرد قد دمج قيمه وأفكاره ومواقفه واتجاهاته في رؤية متكاملة تشكل علاقته مع العالم المحيط به، واستجاباته الدائمة والثابته تجاه المواقف والأشياء بصورة مترابطة، أي تشكل توجها سلوكيا أساسيا يمكن الفرد من الاستجابة لمواقف العالم المحيط والعمل بثبات وفعالية في هذا العالم.

ويرتبط بهذه النقطة ما يسمى بالإبداع الخلقي، حيث إن من يتصف بهذا الإبداع يتعامل مع كل موقف جديد بانفتاح كامل متوج بالحب والعقل، فهو يتعامل مع الناس بالحب، ويتعامل مع المشكلات بالعقل، وتنطلق لديه قدرات علمية وثقافية فائقة التصور. ومعنى هذا أنه لا يخضع خضوعا أعمى للأعراف والتقاليد، وإنما يتعامل معها بانفتاح ومرونة واستقلالية، ويبلور لنفسه ولمجتمعه قيما جديدة وأهدافا جديدة تتناسب مع طبيعة المجتمعات والتحديات التي تواجهها «١» .

٧- موقف دعوة الغير إلى الالتزام بالقيمة:

طالما أن القيمة الخلقية قد ترسخت جذورها، وأصبحت ديدنا للإنسان لا يحيد عنه في مواقف الحياة المختلفة، فإنه- ومن منطلق إيماني- يدعو غيره إليها، ويحببه فيها بشتى الوسائل الممكنة، فالمؤمن لا يكتمل إيمانه إلا إذا أحب لأخيه ما يحبه لنفسه، يقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» «٢»


(١) ماجد عرسان الكيلاني، مرجع سابق، ص ٥٢.
(٢) البخاري- الفتح (١٣) ، ومسلم ٤٥، أنظر صفة الإيمان.