للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: هو الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع «١» .

[معنى اسم الله (الشكور) :]

قال الإمام الغزاليّ: الشّكور (في أسماء الله تعالى) هو الّذي يجازي بيسير الطّاعات كثير الدّرجات، ويعطي بالعمل في أيّام معدودة نعيما في الآخرة غير محدود، ومن جازى الحسنة بأضعافها يقال إنّه شكر تلك الحسنة، ومن أثنى على المحسن أيضا يقال: إنّه شكر، فإن نظرت إلى معنى الزّيادة في المجازاة لم يكن الشّكور المطلق إلّا الله- عزّ وجلّ- لأنّ زياداته في المجازاة غير محصورة ولا محدودة، ذلك أنّ نعيم الجنّة لا آخر له، والله سبحانه وتعالى يقول:

كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (الحاقة/ ٢٤) . وإن نظرنا إلى معنى الثّناء فإنّ ثناء كلّ مثن يكون على فعل غيره، والرّبّ- عزّ وجلّ- إذا أثنى على أعمال عباده فقد أثنى على فعل نفسه، لأنّ أعمالهم من خلقه، فإن كان الّذي أعطى فأثنى شكورا، فالّذي أعطى وأثنى على المعطي أحقّ بأن يكون شكورا، ومن ثنائه عزّ وجلّ على عباده قوله سبحانه وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ (الأحزاب/ ٣٥) ، وقوله- جلّ من قائل: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (ص/ ٣٠) ، كلّ ذلك وما يجري مجراه عطيّة منه سبحانه «٢» .

وقال ابن منظور- رحمه الله تعالى-: والشّكور من صفات الله- جلّ اسمه- معناه: أنّه يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده: مغفرته لهم وإنعامه على عباده وجزاؤه بما أقامه من العبادة.

وقال ابن سعديّ: وأمّا الشّكور من عباد الله فهو الّذي يجتهد في شكر ربّه بطاعته وأدائه ما وظّف عليه من عبادته.

ومن أسماء الله الحسنى الشّكور، وهو الّذي يشكر القليل من العمل الخالص النّقيّ النّافع، ويعفو عن الكثير من الزّلل، ولا يضيع أجر من أحسن عملا، بل يضاعفه أضعافا مضاعفة بغير عدّ ولا حساب.

ومن شكره أنّه يجزي بالحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. وقد يجزي الله العبد على العمل بأنواع من الثّواب العاجل قبل الآجل، وليس عليه حقّ واجب بمقتضى أعمال العباد، وإنّما هو الّذي أوجب الحقّ على نفسه كرما منه وجودا، والله لا يضيع أجر العاملين إذا أحسنوا في أعمالهم وأخلصوها لله تعالى «٣» .

[الفرق بين الشاكر والشكور:]

قال المناويّ: إنّ الشّاكر من يشكر على الرّخاء.

والشّكور من يشكر على البلاء.


(١) بصائر ذوي التمييز (٣/ ٣٣٩) .
(٢) المقصد الأسنى (١٠٥- ١٠٦) .
(٣) شرح الشافية الكافية، شرح عبد الرحمن بن ناصر السعدي (١٢٥، ١٢٦) .