للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الاستعاذة]

[الاستعاذة لغة:]

الاستعاذة مصدر استعاذ وهي من مادّة (ع وذ) الّتي تدلّ على الالتجاء إلى الشّيء ثمّ يحمل على ذلك كلّ شيء لصق بشيء أو لازمه. قال الخليل:

تقول أعوذ بالله جلّ ثناؤه أي ألجأ إليه تبارك وتعالى عوذا وعياذا، ويقال فلان عياذ لك أي ملجأ، ومن هذا قولهم: عاذ به يعوذ عوذا وعياذا ومعاذا: لاذ به ولجأ إليه واعتصم. ومعاذ الله أي عياذا بالله. قال الله تعالى: مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ (يوسف/ ٧٩) أي نعوذ بالله معاذا أن نأخذ غير الجاني بجنايته، وروي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه تزوّج امرأة من العرب فلمّا أدخلت عليه قالت: أعوذ بالله منك، فقال: لقد عذت بمعاذ فالحقي بأهلك.

والمعاذ في هذا الحديث: الّذي يعاذ به. والمعاذ: المصدر والمكان والزّمان. أي قد لجأت إلى ملجأ ولذت بملاذ. والله- عزّ وجلّ- معاذ من عاذ به وملجأ من لجأ إليه، والملاذ مثل المعاذ، وهو عياذي أي ملجئي.

وعذت بفلان واستعذت به، أي لجأت إليه. وفي التنزيل: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (النحل/ ٩٨) معناه إذا أردت قراءة القرآن فقل: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم ووسوسته.

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

١٥/ ٩٦/ ١٤

والعوذة والمعاذة والتّعويذة: الرّقية يرقى بها الإنسان من فزع أو جنون لأنّه يعاذ بها. وقد عوّذه، يقال: عوّذت فلانا بالله وأسمائه وبالمعوّذتين إذا قلت أعيذك بالله وأسمائه من كلّ ذي شرّ وكلّ داء وحاسد وعين.

والمعوّذتان، بكسر الواو: سورة الفلق وتاليتها؛ لأنّ مبدأ كلّ واحدة منهما «قل أعوذ» . وأمّا التّعاويذ الّتي تكتب وتعلّق على الإنسان من العين فقد نهي عن تعليقها، وهي تسمّى المعاذات أيضا «١» .

وقال القرطبيّ: الاستعاذة في كلام العرب:

الاستجارة والتّحيّز إلى الشّيء على معنى الامتناع به من المكروه، يقال عذت بفلان واستعذت به؛ أي لجأت إليه، وهي عياذي أي ملجئي «٢» .

وقال ابن القيّم: لفظ عاذ وما تصرّف منه يدلّ على التّحرّز والتّحصّن والنّجاة، وفي أصله قولان:

أحدهما أنّه مأخوذ من السّتر، والثّاني أنه مأخوذ من المجاورة والالتصاق، ومن الأوّل قولهم للبيت الّذي في أصل الشّجرة «عوّذ» لأنّه عاذ بالشّجرة واستتر بأصلها، وكذلك العائذ قد استتر من عدوّه بمن استعاذ به منه، ومن المعنى الثّاني قولهم للحم إذا لصق بالعظم فلم يتخلص منه «عوذ» لأنّه استمسك به واعتصم، وفي المثل أطيب اللّحم عوذه (وهو ما


(١) الصحاح للجوهري (٢/ ٥٦٧) ، والنهاية لابن الأثير (٣/ ٣١٨) ، ولسان العرب (٤/ ٣١٦٢) ، ومقاييس اللغة (٤/ ١٨٣) .
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٦٤) .