للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطيعة الرّحم: هي أن يعقّ الإنسان أولى رحمه وذوي قرابته فلا يصلهم ببرّه ولا يمدّهم بإحسانه.

ويختلف ذلك بحسب حال القاطع والمقطوع، فتارة يكون ذلك بمنع المال، وتارة بحجب الخدمة والزّيارة والسّلام، وغير ذلك.

[حكم قطيعة الرحم:]

قال القاضي عياض- رحمه الله تعالى-:

سمّي العقوق قطعا. والعقّ الشّقّ كأنّه قطع ذلك السّبب المتّصل.

ثمّ قال- رحمه الله-: ولا خلاف في أنّ صلة الرّحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبرى والأحاديث تشهد بذلك، ولكنّ الصّلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسّلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحبّ، ولو وصل بعض الشّيء ولم يصل غايتها لا يسمّى قاطعا، ولو قصّر عمّا يقدر عليه وينبغي له لا يسمّى واصلا «١» .

[بم تكون القطيعة:]

قال الصّنعانيّ- رحمه الله تعالى-: اختلف العلماء بأيّ شيء تحصل القطيعة للرّحم.

فقال الزّين العراقيّ: تكون بالإساءة إلى الرّحم.

وقال غيره: تكون بترك الإحسان لأنّ الأحاديث آمرة بالصّلة ناهية عن القطيعة فلا واسطة بينهما، والصّلة: نوع من الإحسان. كما فسّرها بذلك غير واحد، والقطيعة ضدّها وهي ترك

الإحسان.

وقال الحافظ ابن حجر: القاطع الّذي لا يتفضّل عليه ولا يتفضّل «٢» .

[قطيعة الرحم من الكبائر:]

قال صاحب العدّة- رحمه الله تعالى- في معرض بيان الكبائر بعد أن ذكر كلام القاضي أبي سعيد الهرويّ والقاضي الرّويانيّ:

أكل الرّبا، والإفطار في رمضان بلا عذر، واليمين الفاجرة، وقطع الرّحم، وعقوق الوالدين والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم، والخيانة في الكيل والوزن، وتقديم الصّلاة على وقتها، وتأخيرها عن وقتها بلا عذر، وأخذ الرّشوة، والسّعاية عند السّلطان، ومنع الزّكاة، وترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مع القدرة، ونسيان القرآن بعد تعلّمه، وإحراق الحيوان بالنّار، وامتناع المرأة عن زوجها بلا سبب، واليأس من رحمة الله، والأمن من مكر الله، ويقال الوقيعة في أهل العلم وحملة القرآن «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الجحود- عقوق الوالدين- نكران الجميل- الإساءة- سوء المعاملة- سوء الخلق- الجفاء.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: البر- بر الوالدين- تكريم الإنسان- التودد- الرحمة- صلة الرحم- الاعتراف بالفضل- الإحسان- حسن العشرة- حسن المعاملة- حسن الخلق] .


(١) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١١٢- ١١٣) بتصرف واختصار.
(٢) سبل السلام شرح بلوغ المرام (٤/ ٣١٤) .
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٤٨٧) .