للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «١» .

٤- الاستقامة والتقوى:

- الخطوة الرابعة: التزام الاستقامة والتقوى. أما الاستقامة فلأنها أقوى سبب للرقي الإيماني، وما انتشرت في قوم إلا صلح حالهم وزاد إقبالهم على الخير، والمستقيمون هم الذين وعدهم الله عز وجل بإذهاب الحزن وإبعاد الخوف عنهم في الدنيا والآخرة «٢» ، يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ «٣» . ويطمئنهم الله بقوله: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «٤» .

أما التقوى فهي من مفاتيح السعادة لأنها تجعل المؤمن في معية الله تعالى وتجلب رحمته ورزقه، قال تعالى:

وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ «٥» ، كما أنها مفتاح للخروج من الأزمات ومجلبة للرزق، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ «٦» . وقبل ذلك وبعده، فالتوبة تجعل العبد من أهل محبة الله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ «٧» .

ويترتب على الالتزام بالاستقامة ومداومة الطاعة الورع والابتعاد عن مواطن الشبهات ورفقاء السوء من الفجّار والمنافقين وأهل الفسق والضلال، يقول الله تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ «٨» .

ويقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» «٩» .

٥- الدعاء والتضرع والتوكل على الله:

- الخطوة الخامسة: التوجه بالدعاء إلى الله- عز وجل- والتضرع إليه والاستغاثة به أن يكشف ما به من سوء، وأن يرزقه العافية، وذلك كما حدث من نبي الله أيوب- عليه السلام- ويستحب أن يتوسل إلى الله- عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها «١٠» ، كما يستحب أيضا أن يدعوه بصالح أعماله كما حدث من الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فدعوا الله بصالح أعمالهم ففرج عنهم «١١» .

وبعد الدعاء، تأتي الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ


(١) آل عمران/ ١٣٣- ١٣٦.
(٢) روح الدين الإسلامي (ص ٣٠٥) .
(٣) فصلت/ ٣٠- ٣٢.
(٤) الأحقاف/ ١٣.
(٥) الأعراف/ ١٥٦.
(٦) الطلاق/ ٢- ٣.
(٧) آل عمران/ ٧٦.
(٨) الزخرف/ ٦٧.
(٩) رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب، انظر الحديث رقم ٢٤٨٤.
(١٠) الأعراف/ ١٨٠.
(١١) انظر تلك القصة في هذه الموسوعة، صفة التوسل، ومن الدلالات العظيمة لهذه القصة أن التوسل لا يكون إلا بصالح الأعمال، أما ما يفعله الجهال من التوسل بالأنبياء والأولياء والقبور ونحوها، فإن هذا لا يجدي نفعا، وإنما قد يوقع صاحبه في الشرك- أعاذنا الله من ذلك-، وانظر أيضا صفة التوكل.