شجاعة ورجوليّة وعزّة نفس وكبر همّة، وتلقيبه بالألقاب المحمودة غباوة وجهلا حتّى تميل النّفس إليه وتستحسنه، وقد يتأكّد ذلك بحكاية شدّة الغضب عن الأكابر في معرض المدح بالشّجاعة والنّفس مائلة إلى التّشبّه بالأكابر فيهيج الغضب إلى القلب بسببه.
[علاج الغضب وتسكينه:]
يعالج الغضب إذا هاج بأمور منها:
١- أن يذكر الله- عزّ وجلّ- فيدعوه ذلك إلى الخوف منه ويبعثه الخوف منه على الطّاعة له فعند ذلك يزول الغضب، قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ (الكهف/ ٢٤) ، قال عكرمة، يعني إذا غضبت.
٢- أن يتفكّر في الأخبار الواردة في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم والاحتمال فيرغب في ثواب ذلك، فتمنعه شدّة الحرص على ثواب هذه الفضائل عن التّشفّي والانتقام وينطفيء عنه غيظه.
٣- أن يخوّف نفسه بعقاب الله تعالى، وهو أن يقول: قدرة الله عليّ أعظم من قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت فيه غضبي، لم آمن أن يمضي الله- عزّ وجلّ- غضبه عليّ يوم القيامة فأنا أحوج ما أكون إلى العفو.
٤- أن يحذّر نفسه عاقبة العداوة والانتقام وتشمير العدوّ في هدم أغراضه والشّماتة بمصائبه، فإنّ الإنسان لا يخلو من المصائب وهذا ما يعرف بتسليط شهوة على غضب، ولا ثواب عليه إلّا أن يكون خائفا من أن يتغيّر عليه أمر يعينه على الآخرة، فيثاب على ذلك.
٥- أن يتفكّر في قبح صورته عند الغضب وأنّه يشبه حينئذ الكلب الضّاري والسّبع العادي وأنّه أبعد ما يكون مجانبة لأخلاق الأنبياء والعلماء الفضلاء في أخلاقهم.
٦- أن يعلم أنّ غضبه إنّما كان من شيء جرى على وفق مراد الله تعالى لا على وفق مراده هو فكيف يكون مراد نفسه أولى من مراد الله تعالى.
٧- أن يتذكّر ما يئول إليه الغضب من النّدم ومذمّة الانتقام.
٨- أن يتذكّر أنّ القلوب تنحرف عنه وتحذر القرب منه فيبتعد الخلق عنه فيبقى وحيدا فريدا، فإنّ ذلك جدير بأن يصرف الغضب عنه.
٩- أن يتحوّل عن الحال الّتي كان عليها فإن كان قائما جلس وإن كان جالسا اضطجع وعليه أن يتوضّأ أو يستنشق بالماء.
١٠- أن يستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم.
١١- أن يذكر ثواب العفو وحسن الصّفح فيقهر نفسه على الغضب.
١٢- أن يذكر انعطاف القلوب عليه وميل النّفوس إليه، فلا يرى إضاعة ذلك بتنفير النّاس منه ويكفّ عن متابعة الغضب «١» .
[بين الحزن والغضب:]
قال الماورديّ: سبب الغضب هجوم ما تكرهه النّفس ممّن دونها، وسبب الحزن هجوم ما تكرهه النّفس
(١) أدب الدنيا والدين للماوردي (٢٥٠، ٢٥٢) ، إحياء علوم الدين للغزالي (٣/ ١٧٥١٧٣) ، مختصر منهاج القاصدين (١٨٠- ١٨١) .