للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التكبير]

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٤/ ٣١/ ١٣

[التكبير لغة:]

مصدر «كبّر» وهو مأخوذ من مادّة (ك ب ر) الّتي تدلّ على خلاف الصّغر «١» ، وإذا كان الصّغر يدلّ على القلّة والحقارة؛ فإنّ الكبر يدلّ على الكثرة والعظمة، والوصف منهما صغير وكبير وهما كما يقول الرّاغب: من الأسماء المتضايفة الّتي تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشّيء قد يكون صغيرا في جنب شيء، وكبيرا في جنب غيره «٢» ، ويستعملان في الكمّيّة المتّصلة (غير القابلة للتّجزيء) وذلك كالكثير والقليل في الكمّيّة المنفصلة كالعدد، وربّما يتعاقب الكثير والكبير في شيء واحد بنظرين مختلفين نحو قوله تعالى: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ (البقرة/ ٢١٩) وكثير، قرئ بهما، وأصل ذلك في الأعيان ثمّ استعير للمعاني نحو قوله عزّ وجلّ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها (الكهف/ ٤٩) والكبير من صفات المولى- عزّ وجلّ- وكذلك المتكبّر، قال ابن الأثير: «في أسماء الله تعالى المتكبّر والكبير» أي العظيم ذو الكبرياء، وقيل المتعالي عن صفات الخلق، وقيل المتكبّر على عتاة خلقه، والتّاء فيه

للتّفرّد والتّخصّص لا تاء التّعاطي والتّكلّف «٣» ، والكبرياء هي العظمة والملك، وقيل هي عبارة عن كمال الذّات وكمال الوجود ولا يوصف بهما سوى الله تعالى، وهذان الوصفان (المتكبّر- ذو الكبرياء) مأخوذان من الكبر بالكسر وهو العظمة، يقال كبر يكبر أي عظم فهو كبير، أمّا وصفه عزّ وجلّ بأنّه: «أكبر» كما في حديث الأذان «الله أكبر» فاختلف في معناه على وجهين:

الأوّل: أنّ معناه «الله الكبير» فوضع أفعل موضع فعيل (أي أنّ التّفضيل على غير بابه) وذلك كما في قول الفرزدق:

إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعزّ وأطول

أي عزيزة طويلة.

الآخر: أنّ المعنى «الله أكبر من كلّ شيء» أي أعظم فحذفت «من» من أسلوب التّفضيل


(١) كذا قال ابن فارس في المقاييس (٥/ ١٥٣) ، وقد ذكر معنى الصغر في مادة (ص غ ر) في (٣/ ٢٩٠) ، واستنتجنا معنى الكبر من جملة ما قاله في الموضعين.
(٢) مثال ذلك أن يقال: الفيل الصغير حيوان كبير فهو صغير إذا أضيف إلى سائر الفيلة وكبير إذا أضيف إلى القط أو الفأر أو غير ذلك من الحيوانات الصغار. انظر مفردات الراغب (٤٢١) .
(٣) يشير ابن الأثير هنا إلى أن صيغة تفعّل في تكبّر التي اشتق منها الوصف متكبر تفيد معنى التفرد وليست على معناها الشائع وهو التكلف في مثل تشجّع وتحلّم أي تكلف الحلم والشجاعة، وقد يفيد تكبر هذا المعنى أيضا إذا أضيف إلى الإنسان.