للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلفه على راحلته تكريما له حتى دخلوا المدينة. «١»

[سرية أبان بن سعيد بن العاص:]

لم تحدد المصادر الجهة التي وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه السرية إليها في نجد، كما لم يرد ما يوضح عدد المشاركين فيها، أو نتائجها، وقد عادت السرية على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو بخيبر بعد أن تم فتحها «٢» .

[غزوة خيبر:]

كان إجلاء بني النضير عن المدينة ونزول زعمائهم في خيبر حاسما في بلورة موقف معاد ليهود خيبر تجاه المسلمين، وهو أمر لم يكن ظاهرا قبل ذلك «٣» ، وحين نزل سلّام بن أبي الحقيق وابن أخيه كنانة بن الربيع، وحيي بن أخطب خيبر فقد دان لهم أهلها بالولاء والطاعة «٤» ، وكان لذلك أثره في تصدي يهود خيبر للصراع ضد الإسلام والمسلمين، حيث جرهم قادتهم الجدد إلى التصدي للإسلام بغية الانتقام وبدافع حقدهم الدفين على المسلمين، ورغبتهم العارمة في استعادة ديارهم ومواقعهم ومصالحهم في المدينة ولذلك فقد أجلوا منها. وهكذا فقد قام يهود خيبر وزعماؤهم الجدد بدور بارز في تجميع الأحزاب وحشدهم ضد المسلمين، بل إنهم أنفقوا أموالهم، واستغلوا علاقاتهم مع يهود بني قريظة من أجل نصرة الأحزاب. وطعن المسلمين في ظهورهم «٥» ، وهكذا أصبحت خيبر مصدر خطر كبير على المسلمين ودولتهم النامية.

تفرغ المسلمون بعد صلح الحديبية لتصفية خطر يهود خيبر الذي أصبح يهدد أمن المسلمين، ولقد تضمنت سورة الفتح التي نزلت بعد الحديبية وعدا إلهيّا بفتح خيبر وحيازة أموالها غنيمة، قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً* وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً* وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً* وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً «٦» .


(١) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٤/ ١٧٣، حديث ٤١٩٤) ، مسلم- الصحيح ٣/ ١٤٣٢- ١٤٤١، (حديث ١٨٠٦) ، ابن كثير- البداية والنهاية ٤/ ١٧٣.
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٤٩٨- ٩، حديث ٤٢٣٨) .
(٣) ينقل ابن هشام في السيرة (٣/ ٢٧٢) ما يفيد بأن حادثة إجلاء بني النضير عن المدينة لم يكن كافيا لكسر شوكتهم فقد غادروا المدينة ومعهم النساء والأولاد والأموال بل وحتى القيان، وأنهم خرجوا
في تظاهرة اعتداد بالنفس غريبة، فقد «كانت العازفات خلفهم يضر بن بالدفوف ويزمرن بالمزامير وهم يغادرون بخيلاء وفخر واعتداد بالنفس لم يحصل مثله في حي من الناس في زمانهم» .
(٤) المرجع السابق ٣/ ٢٧٣.
(٥) ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٥٣- ٢٥٥، وكان ذلك سببا في العقوبة الرادعة التي أنزلت ببني قريظة بعد فشل غزوة الأحزاب، وكذلك في إرسال سرية عبد الله بن عتيك لقتل سلام بن أبي الحقيق (البخاري- الصحيح، فتح الباري- كتاب المغازي ٧/ ١٣٤٠) .
(٦) القرآن الكريم- سورة الفتح، الآيات/ ١٨- ٢١. وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن الإشارة في قوله تعالى: وعجّل لكم هذه تعني فتح خيبر، انظر ابن كثير- التفسير ٧/ ٣٢٢ وهو قول مجاهد، وانظر ما أورده ابن حجر- فتح الباري ٧/ ٤٦٤ برواية ابن إسحاق عن المسور، ومروان وقولهما: «يعني خيبر» .