للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (إفشاء السلام)

٥٠-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

أتى عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا ألعب مع الغلمان. قال:

فسلّم علينا. فبعثني إلى حاجة. فأبطأت على أمّي.

فلمّا جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحاجة. قالت: ما حاجته؟ قلت: إنّها سرّ.

قالت: لا تحدّثنّ بسرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحدا. قال أنس:

والله لو حدّثت به أحدا لحدّثتك، يا ثابت!) * «١» .

٥١-* (عن عوف بن مالك الأشجعيّ- رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك، وهو في قبّة من أدم، فسلّمت فردّ وقال: «ادخل» فقلت:

أكلّي يا رسول الله؟ قال: «كلّك» فدخلت) * «٢» .

٥٢-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:

أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «٣» . فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فليس أحد منهم يقبلنا «٤» . فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» قال: فكنّا نحتلب، فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه، قال: فيجيء من اللّيل، فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد، فيصلّي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة «٥» . فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت «٦» في بطني، وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان، فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك.

فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما، ولم يصنعا ما صنعت. قال: فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى، ثمّ أتى شرابه فكشف عنه، فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك فقال «اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني» قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة، فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هي حافلة «٧» وإذا هنّ حفّل كلّهنّ، فعمدت إلى إناء لآل


(١) مسلم (٢٤٨٢) .
(٢) أبو داود (٥٠٠٠) وقال الألباني (٣/ ٩٤٤) : صحيح. وصححه محقّق «جامع الأصول» (٦/ ٥٨٤) .
(٣) الجهد: بفتح الجيم، الجوع والمشقة.
(٤) فليس أحد منهم يقبلنا: هذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلّين ليس عندهم شيء يواسون به.
(٥) ما به حاجة إلى هذه الجرعة: هي بضم الجيم وفتحها، حكاهما ابن السكيت وغيره. والفعل منه جرعت.
(٦) وغلت: أي دخلت وتمكنت منه.
(٧) حافلة: الحفل في الأصل الاجتماع. قال في القاموس: الحفل والحفول والحفيل الاجتماع. يقال: حفل الماء واللبن حفلا وحفولا وحفيلا، إذا اجتمع. وكذلك يقال: حفله إذا جمعه. ويقال للضرع المملوء باللبن: ضرع حافل وجمعه حفل ويطلق على الحيوان كثير اللبن، حافلة، بالتأنيث.