للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ* وَنَصَرْناهُ ... (الأنبياء/ ٧٦- ٧٧) .

يقول- تعالى ذكره-: واذكر يا محمّد نوحا إذ نادى ربّه من قبلك ومن قبل إبراهيم ولوط وسألنا أن نهلك قومه الّذين كذّبوا الله فيما توعّدهم به من وعيده، وكذّبوا نوحا فيما أتاهم به من الحقّ من عند ربّه وقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (نوح/ ٢٦) فاستجبنا له دعاءه، ونجّيناه وأهله- أي أهل الإيمان- من الكرب العظيم أي العذاب الّذي أحلّ بالمكذّبين) * «١» .

٤-* (قال الطّبريّ في قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (الأنفال/ ٩) أي تستجيرون به من عدوّكم، وتدعونه للنّصر عليهم (فاستجاب لكم) أي:

أجاب دعاءكم ب أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ يردف بعضهم بعضا، ويتلو بعضهم بعضا) * «٢» .

٥-* (قال القرطبيّ في قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ... فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ* فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ.. الآيات (القمر/ ٩- ١٥) .

أي: دعا عليهم حينئذ نوح وقال: ربّ أَنِّي مَغْلُوبٌ أي غلبوني بتمرّدهم فَانْتَصِرْ أي فانتصر لي.

فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ أي فأجبنا دعاءه، وأمرنا باتّخاذ السّفينة وفتحنا أبواب السّماء بِماءٍ مُنْهَمِرٍ أي كثير..) * «٣» .

٦-* (قال الشّيخ أبو عبد الله القرشيّ- رحمه الله تعالى-: «استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة السّجين بالسّجين» ) * «٤» .

٧-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: «قال العلماء المصنّفون في أسماء الله تعالى: يجب على كلّ مكلّف أن يعلم أن لا غيّاث ولا مغيث على الإطلاق إلّا الله، وأنّ كلّ غوث فمن عنده» ) * «٥» .

[من فوائد (الاستغاثة)]

(١) فيها صرف الهمّة كلّها إلى الله المتصرّف في الكون كلّه بكمال قدرته واليقين بأنّ الخلق ينفّذون قدره وأمره.

(٢) الاستغاثة في الأمور الّتي لا يقدر عليها إلّا الله من التّوحيد؛ فهي دليل الإيمان به وحده.

(٣) بالاستغاثة تقوى عزيمة الإنسان لمعرفته بأنّ من يستغيث به قادر على إغاثته.

(٤) الاستغاثة سبب من أسباب النّصر كما حدث للمسلمين يوم بدر.

(٥) الاستغاثة تقوّي الرّوح المعنويّة للمستغيث وتعلمه بأنّ الفرج قريب.

(٦) الاستغاثة مجلبة للخير، وبها يعمّ الخير العباد والبلاد.


(١) تفسير الطبري (مجلد ٩/ ج ١٧/ ٣٧) .
(٢) المرجع السابق (مجلد ٦/ ج ٩/ ١٢٦- ١٢٧) .
(٣) تفسير القرطبي (ج ١٧/ ١٣١) .
(٤) مجموع الفتاوى (١/ ٢٠٦) .
(٥) المرجع السابق (١/ ١١٠- ١١١) .