ومع هذا فلا يجب أن نهمل ما توصل إليه علماء الأخلاق ونحن ندرس القيم، ولا نهمل ما توصل إليه علماء التربية الذين اهتموا بدراسة القيم لأنها توضح وتجلي مجالات من مجالات الأخلاق ودراستها، ولذلك فإن حديثنا سينصب في باقي هذه المقدمة حول القيم الخلقية والتي تعني تلك القيم التي تتصل بشعور الإنسان بالالتزام والمسؤولية والجزاء.
[وظائف القيم الخلقية:]
للقيم الخلقية وظائف عديدة، فهى تنعكس على سلوك الفرد قولا وعملا، كما ينعكس أثر الالتزام بها على الجماعة أيضا، بل ويمكن أن يمتد أثرها إلى العلاقات الدولية في حالتي السلم والحرب، وسنتناول ذلك- بإيجاز- فيما يلي:
أ- على المستوى الفردى:
١- أنها تهيء للأفراد اختيارات معينة عن طريق الأوامر والنواهي والإلزامات التكليفية، تحدد السلوك الصادر عنهم، وبمعنى آخر؛ تحدد أشكال السلوك، وبالتالي تلعب الدور الهام فى تشكيل الشخصية الفردية السعيدة فى الحياة الدنيا. وفى الحياة الآخرة عن طريق تحديد أهدافها فى إطار معياري صحيح.
٢- أنها تعطي الفرد إمكانية تحقيق ما هو مطلوب منه فى إطار الرسالة الإسلامية، وتمنحه القدرة على التكيف والتوافق الإيجابيين، وتحقيق الرضا عن النفس بإرضاء الله تعالى عن طريق التجاوب مع الجماعة في مبادئها وعقائدها وأخلاقها الصحيحة.
٣- أنها تحقق للفرد الإحساس بالأمان، إذ هو يستعين بها على مواجهة ضعفه وضعف نفسه، ومواجهة التحديات والعقبات التى تواجهه فى حياته.
٤- أنها تعطي الفرد فرصة ودفعة نحو تحسين وعيه، ومعتقداته، وسلوكياته، لتتضح الرؤية أمامه، وبالتالى تساعده على فهم العالم حوله، وتوسع مدلولات الإطار الفكري لفهم حياته وعلاقاته.
٥- أنها تعطي الفرد فرصة للتعبير عن الذات، مؤكدا ذاته فى إطار العبودية الصحيحة لله وعن فهم عميق لها ولإمكانياتها.
٦- أنها تعمل على إصلاح الفرد نفسيا، وتوجهه نحو الخير والإحسان الواجب وكافة مكارم الأخلاق التي تضمن حياة نظيفة فى الدنيا، وجزاء أوفى فى الآخرة.
٧- أنها تعمل على ضبط الفرد لشهواته، ومطامعه، فلا تتغلب على فكره ووجدانه، لأنها تربط سلوكه وتصرفاته بمعايير وأحكام أهمها إرضاء الله سبحانه وتعالى، وبالتالي يتصرف فى ضوئها وعلى هديها.