للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلائع حركة الجهاد:

[مرحلة ما بعد الهجرة حتى معركة بدر:]

وتتمثل هذه المرحلة في الغزوات والسرايا التي قام بها المسلمون وفق مخطط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لتهديد اقتصاد مكة، وتأمين الوجود الإسلامي في المدينة عن طريق عقد المحالفات مع القبائل حول المدينة، وإبراز قوة المسلمين أما اليهود والمشركين داخل المدينة، والقبائل العربية خارجها، إضافة إلى تدريب قوات الجهاد على التحمل والطاعة وتنفيذ الأوامر والانضباط وحسن التصرف في حالة حصول مفاجئات إلى جانب التعرف الدقيق على الطرق والمواضع واكتساب الخبرات المتنوعة في فنون القتال.

وتشير المصادر إلى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم عقد عددا من العهود والمواثيق على النصح والسلم والمناصرة والتعاون في القتال مع عدد من الزعماء، ومن ذلك كتاب الأمان إلى بديل بن ورقاء وبسر بن عمرو الخزاعي وأخيه سروات بن عمرو «١» ، وكتابه إلى أسلم بن خزاعة وفيه الإقرار بالمناصرة «٢» ، وكتابه إلى بني غفار وفيه اتفاق على المناصرة المتبادلة ضد من يحاربهم ويحارب المسلمين «٣» ، وكتابه إلى نعيم بن مسعود الأشجعي على المحالفة والنصر والنصيحة «٤» .

غزوة ودّان «الأبواء» :

وهي أول غزواته صلّى الله عليه وسلّم، فقد خرج غازيا من المدينة في الثاني عشر من شهر صفر بعد مضي سنة كاملة على قدومه إلى المدينة (سنة ٢ هـ) ، حتى بلغ ودان «٥» ، وكان يستهدف قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناه بن كنانة.

وقد وادعه مخشي بن عمرو الضّمري عن بني ضمرة «ألّا يكثروا عليه ولا يعينوا عليه أحدا» «٦» . وقد عاد عليه الصلاة والسلام بقواته إلى المدينة ولم يلق كيدا، «فأقام بها بقية صفر، وصدرا من شهر ربيع الأول» «٧» .

سريّة عبيدة بن الحارث:

وكانت أول راية عقدها النبي صلّى الله عليه وسلّم هي راية سريّة عبيدة بن الحارث الذي بعثه في ستين رجلا من المهاجرين بعد عودته من غزوة ودّان، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرّة، فلقي جمعا عظيما من قريش عليهم عكرمة ابن أبي جهل، فلم يكن بينهم قتال، إذ حصل تناوش وتراشق بالسهام، وكان سعد بن أبي وقاص أول من رمى بسهم في الإسلام في هذه السريّة، ثم انصرف القوم بعضهم عن بعض، وللمسلمين حامية، وفر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو البهراني حليف بني زهرة، وعتبة بن غزوان بن جابر المازني حليف بني نوفل بن عبد مناف وكانا


(١) ابن الأثير- أسد الغابة ١/ ١٧٠، ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٧٢.
(٢) ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٧١.
(٣) المرجع السابق ١/ ٢٧٤.
(٤) ابن هشام- السيرة ١/ ٢٩٩ ١/ ٢٧٤.
(٥) إحدى القرى الجامعة في منطقة الفرع، تبعد عن المدينة حوالي ٢٤ ميلا.
(٦) أورد ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٧٥ نص الكتاب.
(٧) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٢٧٩) ، خليفة بن خياط- تاريخ ص/ ٥٦، ابن هشام- السيرة ١/ ٥٩٠- ٩١.