الهدى والهداية مصدران لقولهم: هدى يهدي، وهما مأخوذان من مادّة (هـ د ى) الّتى تدلّ على أصلين: أحدهما: التّقدّم للإرشاد، والآخر: بعثة لطف «١» ، فالأوّل قولهم: هديته الطّريق هداية أي تقدّمته لأرشده، وكلّ متقدّم لذلك هاد، وينشعب هذا المعنى فيقال: الهدى خلاف الضّلالة، ومن الباب قولهم: نظر فلان هدي أمره أي جهته، وما أحسن هديته أي هديه، والأصل الآخر الهديّة: وهي ما أهديت من لطف إلى ذي مودّة، يقال: أهديت أهدي إهداء. ومن الباب الهدي والهديّ: ما أهدي من النّعم إلى الحرم قربة إلى الله تعالى، وقال الرّاغب: الهداية دلالة بلطف، من ذلك هوادي الوحش أي متقدّماتها الهادية لغيرها، وخصّ ما كان دلالة ب «هديت» وما كان إعطاء بأهديت، والهدى والهداية في موضوع اللّغة واحد، لكن قد خصّ الله عزّ وجلّ لفظة الهدى بما تولّاه وأعطاه واختصّ هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو قوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (البقرة/ ٢) ، وقوله عزّ وجلّ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (البقرة/ ٥) ، والاهتداء يختصّ بما يتحرّاه الإنسان على طريق الاختيار إمّا في الأمور الدّنيويّة أو الأخرويّة كما في قوله سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها (الأنعام/ ٩٧) وقوله عزّ وجلّ: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة/ ٥٣) ، ويقال المهتدي لمن يقتدي بعالم كما في قوله سبحانه: أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (المائدة/ ١٠٤) تنبيها إلى أنّهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم) .
وقال الجوهريّ: الهدى: الرّشاد والدّلالة؛ يؤنّث ويذكّر، يقال: هداه الله للدّين هدى، والهدى في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ (السجدة/ ٢٦) أي لم يبيّن لهم، والهداء مصدر قولك: هديت المرأة إلى زوجها هداء وقد هديت إليه، ويقال: هدى هدي فلان أي سار سيرته، وفي الحديث: واهدوا هدي عمّار (أي سيروا سيرته) ، والتّهادي أن يهدي بعضهم إلى بعض، وفي الحديث:«تهادوا تحابّوا» .
وقال ابن منظور: هو من هداه يهديه هدى وهديا وهداية وهدية. والهدى: ضدّ الضّلال وهو الرّشاد والبيان، لازم ومتعدّ، يقال: هداه الله الطّريق وهي لغة الحجاز. ولغة غيرهم يتعدّى بالحرف فيقال
(١) اللطف بالتحريك التحفة والهدية، والبعثة المرة من البعث أي الإرسال.